هل يمكن ان أصاب باضطرابات السلوك الغذائي والأكل في يوم من الأيام بسبب رغبتي في الحفاظ على وزن مثالي؟ هل سيظل معي وسأعاني منه لبقية حياتي؟ هل يمكن علاج هذا الاضطراب المعقد ؟ للإجابة على كل هذه الأسئلة وغيرها عن اضطرابات السلوك الغذائي والأكل اقرأ المزيد لتتعلم اكتشاف الاضطراب و أصله، واسبابه وعلاجه.
ماهية اضطراب السلوك الغذائي:
اضطرابات لسلوك الغذائي أو اضطرابات الأكل والتغذية هي حالات صحية خطيرة. تؤثر هذه الاضطرابات على الصحة الجسدية والعقلية والنفسية.
تتميز هذه الاضطرابات بوجود مشكلات عديدة تخص طبيعة التفكير في الطعام والأكل والوزن وشكل الجسم، مع وجود مشكلات أيضا في سلوكيات الأكل.
تؤثر هذه اضطرابات السلوك الغذائي على الصحة العامة، وعلى العواطف والانفعالات، وعلى الأداء المهني والاجتماعي العام.
تستدعي هذه الحالات التدخل العلاجي الفوري، وفي غالبية الأحيان تستدعي الاستشفاء بمصلحة الطب النفسي. واذا لم تعالج قد تُسبب الوفاة في بعض الحالات.
يمكن أن تسبب اضطرابات السلوك الغذائي في ظهور العديد من الأمراض الخطيرة. وترتبط أيضًا باضطرابات المزاج لا سياما الاكتئاب واضطرابات القلق وإيذاء النفس والأفكار الوسواسية والسلوكيات الانتحارية.
أنواع اضطرابات السلوك الغذائي:
فقدان الشهية العصبي:

فقدان الشهية العصبي هو اضطراب أساسي في اضطرابات السلوك الغذائي. يصيب الاناث أكثر، يبدأ في الظهور خلال فترة المراهقة.
يتميز اضطراب فقدان الشهية العصبي بتجنب المريض تناول الطعام، أو يقيد الطعام الذي يتناوله، بتناول كميات قليلة جدًا من أطعمة معينة فقط، مقارنة باحتياجات الجسم العادية، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في الوزن . يؤثر ذلك على مسار النمو والصحة البدنية والعقلية.
يقوم مريض فقدان الشهية العصبي بوزن نفسه بشكل متكرر خلال اليوم. ومهما نقص وزنه (أحيانا بشكل خطير ومرضي) يرى نفسه زائد الوزن، ويواصل في انقاص وزنه.
نتحدث عن الوزن المنخفض عندما يكون وزن الجسم أقل من الحد الأدنى الطبيعي، أو أقل من الحد الأدنى المتوقع لفئات عمرية معينة، مقارنة بطول القامة.
يرافق فقدان الشهية العصبي خوف شديد من زيادة الوزن أو السمنة، حتى لو كان الوزن منخفضًا بشكل ملحوظ.
الأنواع الفرعية لاضطراب فقدان الشهية العصبي:
يوجد نوعان فرعيان من اضطراب فقدان الشهية العصبي يتم تشخيصهما اليوم:
أولا، فقدان الشهية العصبي المقيّد:
الذي ينقص فيه المريض كمية الطعام ونوعه بشكل كبير.
ثانيا، فقدان الشهية العصبي المتميز بالشراهة عند تناول الطعام/التطهير:
يقوم المريض في هذا النوع بتقييد كمية ونوع الطعام الذي يستهلكه بشكل كبير كما في النوع الأول. كما قد يعاني من نوبات الشراهة عند تناول الطعام والتخلص من الأكل أو من البراز. بمعنى يتناول المريض كميات كبيرة من الطعام في وقت قصير، ثم يبدأ بالقيء أو استخدام الملينات أو مدرات البول للتخلص مما تم تناوله. ويرافق هذا السلوك نوبة من تأنيب الضمير بسبب الأكل.
يمكن أن يكون فقدان الشهية العصبي قاتلاً. لديه معدل وفيات مرتفع للغاية مقارنة بالاضطرابات العقلية الأخرى. يتعرض الأشخاص المصابون بفقدان الشهية لخطر الموت بسبب المضاعفات الطبية المرتبطة بالجوع. الانتحار هو السبب الرئيسي الثاني للوفاة بين الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بفقدان الشهية العصب
يشخص هاذان النوعان الفرعيان حسب (DSM 5) بالاعتماد على ظهور الأعراض خلال مدة ثلاثة أشهر الأخيرة (قبل الفحص والتشخيص).
الأعراض الأساسية لتشخيص اضطراب فقدان الشهية العصبي:
- الأكل مقيّد للغاية، أي بكميات قليلة جدان وأنواع محددة بدقة من الأكل.
- فقدان واضح للوزن يؤدي الى النحافة الشديدة.
- الرغبة الشديدة في النحافة والسعي لها.
- خوف شديد من زيادة ولو بسيطة في الوزن.
- صورة مشوهة للجسم، مع إنكار خطورة الانخفاض الكبير في وزن الجسم.
مضاعفات خطيرة لاضطراب فقدان الشهية العصبي:
مع مرور الوقت قد تظهر أعراض خطيرة على المريض، منها:
- هشاشة العظام وهشاشة الشعر والأظافر.
- فقر الدم وهزال العضلات وضعفها.
- الجلد الجاف والمصفر ونمو الشعر الناعم في جميع أنحاء الجسم.
- الإمساك الشديد.
- انخفاض ضغط دم.
- تباطؤ التنفس والنبض، وأضرار في وظيفة القلب
- تلف في الدماغ وفشل متعدد في مختلف الأعضاء.
- انخفاض في درجة حرارة الجسم الداخلية، مما يجعل الإنسان يشعر بالبرد طوال الوقت.
- الخمول أو الشعور بالتعب طوال الوقت.
- العقم.
الشره المرضي العصبي:

الشره المرضي العصبي هو حالة تحدث بشكل شائع عند المراهقات مقارنة بالذكور، يعاني فيها المريض من نوبات متكررة من تناول كميات كبيرة من الطعام بشكل غير عادي، والشعور بعدم السيطرة على هذه النوبات. يرافقها سلوكيات تعويضية غير مناسبة لمنع زيادة الوزن، مثل القيء القسري، أو الاستخدام المفرط للمسهلات أو مدرات البول، أو الصيام، أو الإفراط في ممارسة الرياضة، أو مزيج من كل هذه السلوكيات.
الشخص الذي يعاني من اضطراب الشره المرضي العصبي لا يعاني بالضرورة من زيادة الوزن أو البدانة. فقد يعاني المريض من نقص طفيف في الوزن، أو زيادة بسيطة في الوزن، أو لديه وزن طبيعي.
يحدد الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) معايير تشخيص الشره المرضي العصبي التالية :
حالات شراهة كبيرة للأكل. بحيث يتناول المريض كميات أكبر مما يستهلكه معظم الناس في فترة مماثلة (عادةً أقل من ساعتين) وفي ظل ظروف مماثلة. ويفقد السيطرة على نفسه ولا يتمكن من كبح حالة الجوع التي يحس بها، وبالتالي لا يتمكن من التحكم في كمية الأكل التي يتناولها أثناء نوبة الشره.
يتبع نوبات الشره للأكل سلوك تعويضي غير مناسب لمنع زيادة الوزن، يتمثل عادة في القيء الذاتي أو تعاطي المسهلات ومدرات للبول، أو النشاط البدني الشديد، أو الصيام الطويل.
ولتشخيص الاضطراب يجب أن تحدث النوبات مرة واحدة على الأقل في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر لتحديد التشخيص الايجابي.
اضطراب الشراهة عند تناول الطعام:
اضطراب الشراهة عند تناول الطعام هو حالة يفقد فيها الأشخاص السيطرة على تناولهم للطعام، ويعانون من نوبات متكررة من تناول كميات كبيرة بشكل غير عادي من الطعام.
على عكس الشره المرضي العصبي، فإن فترات الشراهة عند تناول الطعام لا يتبعها تطهير أو ممارسة مفرطة للرياضة أو صيام. ونتيجة لذلك، غالبًا ما يعاني الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشراهة عند تناول الطعام من زيادة الوزن والسمنة.
تعاني العديد من الدول الغنية من ارتفاع نسبة اضطراب الشراهة عند تناول الطعام كالولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الخليج.
تتمثل أعراض اضطراب الشراهة عند تناول الطعام في:
- تناول كميات كبيرة بشكل غير معتاد من الطعام في فترة زمنية وجيزة، ساعتين مثلا.
- تناول الطعام حتى عندما تكون ممتلئًا أو غير جائع. أو تناول الطعام حتى تشعر بالشبع بشكل غير مريح.
- تناول الطعام بسرعة كبيرة خلال نوبات الشراهة.
- تناول الطعام منفرداً أو سراً لتجنب الإحراج.
- الشعور بالضيق أو الخجل أو الذنب بشأن تناولك الطعام.
- اتباع نظام غذائي متكرر، وربما دون فقدان الوزن، لأانه غالبا ما تتخلله نوبات شراهة.
اضطراب تجنب/تقييد تناول الطعام:
اضطراب تجنب/تقييد تناول الطعام، كان يسمى سابقًا باسم اضطراب الأكل الانتقائي. هو حالة يحد فيها الشخص من كمية، أو نوع الطعام الذي يتم تناوله.
مريض اضطراب تجنب/تقييد تناول الطعام لا يعاني من تشوه صورة الجسم أو الخوف من زيادة الوزن. يبدأ هذا الضطراب في سن مبكرة في مرحلة الطفولة الثانية. يمر العديد من الأطفال بمراحل انتقائية في تناول الطعام، لكن الطفل المصاب باضطراب تقييد تناول الطعام لا يأكل ما يكفي جسمه ونموه من السعرات الحرارية، ولا يأكل الشخص البالغ المصاب بهذا الاضطراب يكفي من السعرات الحرارية للحفاظ على وظائف الجسم الأساسية.
تشمل أعراض اضطراب تجنب/تقييد تناول الطعام ما يلي:
- قلة الشهية وضعف الاهتمام بالطعام.
- تقييد كبير لأنواع أو كمية الطعام الذي يتم تناوله
- فقدان الوزن بشكل كبير.
- اضطراب في المعدة، أو آلام في البطن، أو مشاكل أخرى في الجهاز الهضمي بدون سبب معروف آخر.
- الأكل الانتقائي الذي يزداد سواءا بمرور الوقت، بحيث يعتمد المريض على مجموعة محدودة من الأطعمة المفضلة لديه، والتي تتناقص بمرور الوقت.
اضطراب البيكا:

هو اضطراب في السلوك الغذائي والتغذية، يتناول فيه الشخص مواد غير صالحة للأكل وليس لها أي قيمة غذائية، مثل التراب أو الورق أو الطلاء أو الطباشير أو الثلج وغيرها.
لتشخيص اضطراب البيكا يجب أن يظهر هذا السلوك لمدة شهر على الأقل عند اجراء الفحص. ويجب ألا يكون هذا السلوك أو نوعية الأكل المستهدفة تحمل دلالات ثقافية. ولا يكون السن أقل من سنتين، لأان هذا السلوك شائع لدى الأطفال في المرحلة الفمية (أقل من سنتين يتعرف الطفل على العالم بواسطة الفم؛ أين يدخل كل شيء أو أي شيء الى الفم).
في حالات كثيرة، لا يتمكن المعالج أو الأسرة من اكتشاف سلوك البيكا إلا بعد حدوث تعقيدات طبية، كالتسمم بالمعادن، أو تشقق الأسنان، أو التهابات في الفم والحلق أو في الجهاز الهضمي.
يمس اضطراب البيكا الأشخاص من الجنسين والأعمار المختلفة، رغم شيوعه بين الأطفال. ويمكن أن يكون عرضا في اضطرابات أخرى، كالاضطرابات النمائية أو التخلف العقلي، أو بعض الأمراض الذهانية.
المواد غير الغذائية التي يستهلكها المصاب باضطراب البيكا يمكن أن تكون خطيرة جدا، خاصة إذا تم تناولها بكميات كبيرة.
أسباب اضطراب البيكا
أسباب اضطراب البيكا ليست واضحة، مع وجود بعض النظريات التي تعيدها الى الجهاز العصبي، وتعتبرها سلوكا سيئا مكتسبا أو آلية للتكيف.
توجد دراسات أخرى وجدت أن بعض الحالات التي تعاني من اضطراب البيكا تعاني من نقص في بعض المعادن أو الفيتامينات. وهو ما يفسر ظهور اضطراب البيكا في الحمل، حالات فقر الدم بسبب نقص الحديد، اضطراب التوحد، التخلف الذهني، الاكتئاب، اضطراب الوسواس القهري والاضطرابات المرتبطة به مثل هوس نتف الشعر واضطراب النزع (نزع الجلد)، بعض الفُصامات.
يتم تشخيص اضطراب البيكا اذا كانت لدى المصاب رغبة قوية في تناول المواد غير الصالحة للأكل، والإصابة بالأمراض الجسدية نتيجة تناول المواد الضارة، ورغم ذلك لا يمتنع عن أكل هذه المواد.
اضطراب الاجترار
اضطراب الاجترار هو مرض يتضمن القيء المتكرر للطعام الذي قد يتم هضمه جزئيًا. وغالبًا ما يحدث دون جهد وبدون ألم، ولا يرتبط بالغثيان أو الاشمئزاز.
في القيء في اضطراب الاجترار لن يبدو الشخص أنه يشعر بالمرض. فقد يقوم الشخص بإعادة مضغ الطعام وبلعه مرة أخرى أو يبصقه فقط.
الأسباب الدقيقة لاضطراب الاجترار غير معروفة. ولا توجد احصائيات بهذا الشأن.
يمكن أن تسبب أمراض أخرى سلوكًا مشابهًا لما يظهر في اضطراب الاجترار. في مثل هذه المواقف، لن يتم إعطاء الشخص تشخيصًا منفصلاً لاضطراب الاجترار، ويجب معالجة السلوك كجزء من علاج المرض الذي تسبب فيه.
يمكن أن يؤدي اضطراب الاجترار إلى سوء التغذية، وفقدان الوزن، وتآكل الأسنان، اذا لم يعالج.
يتم تشخيص اضطراب الاجترار اذا تكرر تقيء الطعام الذي تم هضمه جزئيًا بشكل منتظم لمدة تزيد عن الشهر. على ألا يرافق ذلك اصابة أو مرض جسدي يسبب هذا السلوك.
غالبا ما يعيد المريض مضغ وبلع الطعام الذي مارس عليه القيء. ويعمل المريض على إخفاء هذا السلوك بحيل مثل السعال أو تغطية الفم، أو تجنب تناول الطعام مع الآخرين.
غالبا ما يصاحي هذا الاضطراب فقدانا واضحا للوزن، أو أعراض سوء التغذية، وشد وتقويس الظهر مع إبقاء الرأس للخلف، والقيام بحركات المص بلسانهم، والشعور بالجوع والانزعاج بين مرات طرح الطعام.
اضطرابات التغذية أو الأكل غير المحددة الأخرى
يعتبر هذا الاضطراب من اضطرابات السلوك الغذائي والأكل الشائعة أيضا. يتم تشخيص اضطرابات التغذية أو الأكل المحددة الأخرى عندما يكون لدى الشخص أعراض لاضطرابات السلوك الغذائي والأكل، ولا تتناسب تمامًا مع الأعراض المتوقعة لأي اضطرابات أكل محددة. لا يتعلق هذا الاضطراب فقط بالطريقة التي يتعامل بها الشخص مع الطعام ولكن أيضًا بالأفكار والمشاعر الأساسية المرافقة للسلوك؛ فقد يكون اضطراب الأكل وسيلة للتعامل مع هذه الأفكار، أو وسيلة للشعور بالسيطرة.
تمثل اضطرابات التغذية أو الأكل غير المحددة أعلى نسبة من اضطرابات السلوك الغذائي والأكل. وهو اضطراب خطير تمامًا مثل باقي اضطرابات السلوك الغذائي والأكل. ويمكن لهذا الاضطراب أن يتطور من اضطراب آخر أو إلى تشخيص آخر.
يعاني الأشخاص المصابون باضطرابات التغذية أو الأكل المحددة الأخرى من أعراض مختلفة جدًا. تتضمن بعض الأمثلة ما يلي:
فقدان الشهية غير النموذجي:
حيث يعاني المريض من جميع الأعراض التي يبحث عنها الطبيب لتشخيص فقدان الشهية العصبي، باستثناء أن وزنه يظل ضمن النطاق الطبيعي.
الشره المرضي العصبي (منخفض التكرار و/أو لمدة محدودة):
حيث يعاني المريض من جميع أعراض الشره المرضي العصبي، باستثناء دورات الشراهة/التطهير لا تحدث في كثير من الأحيان أو على مدى فترة طويلة من الزمن كما يتوقع الأطباء.
اضطراب الشراهة عند الأكل (منخفض التكرار و/أو لمدة محدودة):
حيث يعاني المريض من جميع أعراض اضطراب الشراهة عند الأكل، باستثناء أن الشراهة لا تحدث في كثير من الأحيان أو على مدى فترة زمنية طويلة كما يتوقع الأطباء.
اضطراب التطهير:
حيث يقوم المريض بالتطهير، بسبب المرض أو باستخدام أدوية مسهلة للتأثير على وزنه أو شكله، ولكن هذا ليس جزءًا من دورات الشراهة/التطهير.
متلازمة الأكل الليلي:
حيث يأكل الشخص بشكل متكرر في الليل، إما بعد الاستيقاظ من النوم، أو عن طريق تناول الكثير من الطعام بعد وجبة المساء.
غالبا ما يخفي المصاب بهذا الاضطراب مرضه. كما هو الحال مع اضطرابات الأكل الأخرى، من المحتمل أن تكون التغيرات في سلوك الشخص ومشاعره هي التي يلاحظها المحيطون به أولاً، قبل ظهور أي علامات جسدية.
يتم تشخيص اضطرابات التغذية أو الأكل غير المحددة من خلال الأعراض التالية:
- التركيز بشكل مفرط على السلوك السري حول الطعام.
- انخفاض الثقة بالذات، وانخفاض احترام الذات وتقديرها
- صورة الجسم السيئة
- التهيج وتقلب المزاج
- التعب المستمر
- الانسحاب الاجتماعي
- الشعور بالخجل والذنب والقلق
- صعوبة في التركيز
أسباب اضطرابات السلوك الغذائي والأكل
يمكن أن تؤثر اضطرابات السلوك الغذائي والأكل على الأشخاص من الجنسين،ومن جميع الأعمار. وتظهر اضطرابات السلوك الغذائي والأكل غالبا في فترة المراهقة وسن الرشد. ولكنها قد تتطور أيضًا أثناء مرحلة الطفولة أو في وقت لاحق من الحياة.
بينت الدراسات الحديثة أن مسببات اضطراب السلوك الغذائي متعددة العوامل. اذ وجد باحثون في اضطرابات السلوك الغذائي والأكل أن هذا الاضطرابات ينتج عن تفاعل معقد بين العوامل الجينية والبيولوجية والسلوكية والنفسية والاجتماعية.
وبينت دراسة الجينات البشرية لعينة من المصابين باضطرابات السلوك الغذائي أن هذا الاضطراب ينتشر في العائلات.
كما وجد باحثون من خلال تصوير الدماغ اختلافات في أنماط نشاط الدماغ لدى النساء اللاتي يعانين من اضطرابات في السلوك الغذائي مقارنة بالأسوياء. كما أشارت دراسة أجريت عام 2016 إلى أن المرضى الذين يعانون من فقدان الشهية والشره العصبي لديهم تشوهات واسعة النطاق مع تغيرات منتشرة في المادة البيضاء والاتصال الهيكلي والمفيد، خاصة في مسارات تنظيم الشهية ومكافأة التذوق.
وأشارت دراسة أخرى إلى احتمال تغيير وظيفة بنية الدماغ الوظيفية الجوهرية.
كما يمكن الاشارة الى العوامل التالية، التي ان اجتمعت كلها يمكن أن تؤدي الى ظهور اضطرابات السلوك الغذائي والأكل: الاستعداد الجيني والبيئة والأحداث المجهدة.
ويمكن لبعض العوامل أن تزيد من فرصة إصابة الشخص باضطرابات السلوك الغذائي والأكل، أهمها: تشوه صورة الجسم وتدني احترام الذات، التركيز بشكل كبير على الوزن والمظهر وتقديس النحافة التي ترتبط أحيانا ببعض معايير الجمال، اتباع نظام غذائي قاسي في سن مبكرة، ممارسة الألعاب الرياضية التي تركز على الوزن (الجمباز، الباليه، التزلج على الجليد)، وجود سوابق لاضطراب في الأسرة، تاريخ العنف الجسدي والجنسي؛ أين تحاول الضحية استعادة السيطرة على جسدها من خلال الطعام، سوابق التعرض للتنمر بسبب الوزن، صعوبة التعبير عن المشاعر والعواطف، أين يصبح التحكم في الطعام وسيلة للتعامل مع العواطف غير المعلنة.
علاج اضطرابات السلوك الغذائي والأكل
كشفت العديد من الدراسات الصادرة عن أرقى الجامعات ومراكز البحث في الصحة النفسية والعقلية أن الأشخاص المصابين باضطرابات السلوك الغذائي والأكل غالبًا ما يعانون من اضطرابات عقلية-نفسية أخرى كالاكتئاب أو اضطرابات القلق، أو تعاطي المخدرات. ويكونون أكثر عرضة للانتحار وللمضاعفات الطبية الناجمة عن الاضطراب.
يمكن لأي مريض باضطرابات السلوك الغذائي التعافي من هذا الاضطراب، ولكن قد يستغرق الأمر بعض الوقت. وسيكون التعافي مختلفًا من شخص لآخر.
يتكفل فريق من المتخصصين في العديد من المجالات الصحية بحالة اضطربات السلوك الغذائي والأكل.
يعتمد البروتوكول العلاجي على نوع الاضطراب، ويكون فرديا، حسب احتياجات كل حالة، وفقا لفحوصات منتظمة ودقيقة.
البرنامج العلاجي يتم تصميمه وفقًا للاحتياجات الفردية لكل حالة، بعد فحص وتشخيص دقيق من قبل فريق متخصص. وغالبا ما يشمل البرنامج العلاجي العلاجات التالية:
- العلاج الدوائي المناسب لاحتياجات الحالة.
- الرعاية الطبية والمراقبة تحت الاستشفاء ان كانت الحالة متقدمة.
- الاستشارات الغذائية وادخال الغذاء اللازم لكل حالة.
- العلاجات النفسية الفردي والجماعي والعائلي حسب الحاجة.
العلاجات النفسية
غالبا ما يرافق العلاج الفردي العلاج العائلي؛ حيث يتولى الأبوين مسؤولية تغذية أبنائهم المصابين باضطرابات السلوك الغذائي، وتحسين عادات الأكل والحالة المزاجية في حالات فقدان الشهية العصبي بنوعيه واضطراب تقييد تناول الطعام خاصة.
أما في اضطرابات الشره المرضي العصبي والشراهة عند الأكل يلعب العلاج السلوكي المعرفي دورا فعالا في العلاج. يساعد العلاج المعرفي السلوكي المريض على تعلّم كيفية تحديد أنماط التفكير المشوهة أو الخاطئة واستبدالها بمخططات معرفية متكيفة فيما يخص صورة الجسم وتصورات الأكل والطعام.
العلاج الدوائي
يستعمل في علاج اضطرابات السلوك الغذائي غالبا مضادات الاكتئاب أو مضادات الذهان، أو مثبتات المزاج. توجه هذه العلاجات ليس فقط لعلاج اضطرابات السلوك الغذائي، ولكن لعلاج أعراض اضطرابات الاكتئاب والقلق المرافقة أو الناتجة عن اضطرابات السلوك الغذائي.
المراجع:
American Psychiatric Association . Diagnostic and Statistical Manual for Mental Disorders, Fifth Edition (DSM-5) Washington DC: American Psychiatric Association; 2013.
Mitchison D, Hay PJ. The epidemiology of eating disorders: genetic, environmental, and societal factors. Clin Epidemiol. 2014 Feb 17;6:89-97. doi: 10.2147/CLEP.S40841. PMID: 24728136; PMCID: PMC3933432.
Kirkbride JB, Errazuriz A, Croudace TJ, et al. Incidence of schizophrenia and other psychoses in England, 1950–2009: a systematic review and meta-analyses. PLoS One. 2012;7(3):e31660.
Australian Bureau of Statistics [homepage on the Internet] 4326.0 – National Survey of Mental Health and Wellbeing: summary of results, 2007. Australian Bureau of Statistics; 2007. [Accessed November 16, 2013]. [updated October 23, 2008] Available from: http://www.abs.gov.au/ausstats/abs@.nsf/mf/4326.0.
Hoek HW. Incidence, prevalence and mortality of anorexia nervosa and other eating disorders. Curr Opin Psychiatry. 2006;19(4):389–394.
Cachelin FM, Striegel-Moore RH. Help seeking and barriers to treatment in a community sample of Mexican American and European American women with eating disorders. Int J Eat Disord. 2006;39(2):154–161
Mashhadi A, Noordenbos G. Dieting and the development of eating disorders among Iranian women: comparing the risk between Tehran and The Netherlands. Food Cult Soc. 2012;15(1):43–60.