القائمة

الاضطراب العضلي الليفي /الفيبروميالجيا (Fibromyalgia)

شارك المقال

يعتبر الاضطراب العضلي الليفي أو الفيبروميالجيا (Fibromyalgia) أو متلازمة الفيبروميالجيا من المتلازمات المعقدة في أعراضها، والصعبة في تشخيصها وفي علاجها. تشير التقديرات الوبائية إلى أن (2 إلى 6% ) من سكان العالم يعانون من هذه المتلازمة، خاصة في البلدان الصناعية. وهي أكثر شيوعا عند النساء (80% من المرضى) بين سن الخامسة والثلاثين والستين، اللواتي يظهرن حساسية عالية للضغط النفسي ولمسؤوليات الحياة اليومية. تتميز هذه المتلازمة بألم مستمر في جميع أنحاء الجسم، وتعب شديد ومشاكل في النوم.

تم الاعتراف بوجود الاضطراب العضلي الليفي عام 1992 من قبل منظمة الصحة العالمية.

تعريف متلازمة الاضطراب الليفي العضلي /الفيبروميالجيا

مصطلح فيبروميالجيا يأتي من تركيب ثلاث كلمات: (fibro) التي تعني التليّف، و (myo) والتي تعني العضلات وكلمة (algia) التي تعني الألم.

متلازمة الفيبروميالجيا أو الاضطراب العضلي الليفي هي حالة مرضية مزمنة، تتميز بوجود آلام مستمرة في عدد كبير من العضلات وحساسية عالية للضغط النفسي، وحتى للمسؤوليات اليومية العادية. يرتبط هذا الاضطراب غالبا بمؤشرات وأعراض سابقة كالتعب الشديد، ومشاكل مختلفة في النوم .تحدث هذه الأعراض انخفاضا ملاحظا في الأداء اليومي للأنشطة الحياتية. لا تسبب الفيبروميالجيا أي مضاعفات خطيرة، ولكنها مزعجة ومربكة لحياة المريض وتمنعه من القيام بالأنشطة اليومية الروتينية.

ورغم من أن الآلام حادة وحقيقية عند المريض، إلا أن الأبحاث الطبية والأطباء غير قادرين على اكتشاف أي آفة أو أي سبب حقيقي لتفسير أعراض المريض. وهو ما جعل عدد من الأطباء يقولون بأن هذا المرض هو ناجم عن أسباب نفسية محضة. طبعا وهذا أمر غير صحيح لأن الآلام التي يحسها المريض حقيقية.

ما هي أسباب الاضطراب العضلي الليفي؟

لا تزال متلازمة الاضطراب العضلي الليفي غير معروفة وغير مفهومة بشكل جيد على المستوى الطبي الى اليوم، ولا يعرف أسباب قاطعة لها، لكن يعتقد في اجتماع مجموعة من العوامل:

عامل عصبي:

تفترض النظرية العصبية حدوث تغيير في نظام اكتشاف الألم والتحكم فيه؛ بحيث تنخفض عتبة ادراك الألم أو يتعطل إدراك المريض للألم و تتعطل مسارات التحكم في الألم في الجهاز العصبي المركزي، نتيجة تعطل النواقل العصبية؛ مما يؤدي الى حساسية عالية للألم. ونميّز في هذا العامل العصبي نوعين: اما تطوير تصور مؤلم للمثيرات العادية التي عادة ما تكون غير مؤلمة، كاللمس العادي بين الأشخاص الذي قد يصبح مثيرا قويا للإحساس بالألم. أو ثانيا، فرط التألم؛ أين يحدث إدراك قوي من الجهاز العصبي وبشكل غير طبيعي للمثيرات المؤلمة.

عوامل نفسية واجتماعية:

مثل سوابق لاضطرابات النفسية كالاكتئاب واضطرابات المزاج، وسوابق لحياة صعبة على المستوى الاجتماعي أو المادي أو التعرض للإساءة بمختلف أنواعها، أو التعرض لصدمات نفسية أولية أو ثانوية تراكمية، أو تراكم لتجارب الفقد والإحباط؛ مما يولد مشاكل في التكيف، وصعوبة كبيرة في تسيير الأزمات والتعامل مع المشكلات الحياتية التي تصبح صعبة التقبل. كما يمكن لاستمرار حالة التوتر والقلق والخوف من المستقبل ومن المجهول، مع رفض التغيير أن يؤثر في احداث استعداد وقابلية نفسية جسدية تؤثر على الجسد ككل، وليس فقط الكتلة العضلية.

عوامل فسيولوجية

ذات صلة ببعض التشوهات (غير المحددة) في الجهاز العصبي أو حدوث اضطرابات هرمونية ذات صلة بسن انقطاع الطمث أو لا.

عوامل واستعدادات وراثية:

حيث لاحظ الباحثون في هذا المجال تأثر العديد من الأشخاص في بعض العائلات بهذه المتلازمة (الاضطراب العضلي الليفي). غير أن الدراسات في المجال الجيني المرتبطة بالفايبروميالجيا لا تزال محدودة وغير مرضية، لكن يمكن أن تكون هناك عدة جينات مسؤولة عن تحفيز الفيبروميالجيا. 

لماذا يصعب ويتأخر تشخيص الاضطراب العضلي الليفي؟

غالبا ما تتداخل أعراض الاضطراب العضلي الليفي ( الفايبروميالجيا) مع أعراض أمراض واضطرابات أخرى، وهو الأمر الذي يجعل تشخيص الحالة صعبا بسبب تعقد الأعراض. يستدعي هذا الأمر اجراء العديد من الفحوص وزيادة الكثير من الأطباء بتخصصات مختلفة للتوصل الى التشخيص الصحيح. فنجد أعراض الفيبروميالجيا تتداخل وتتشابه أحيانا مع بعض الاضطرابات النفسية كاضطرابات القلق المختلفة، ونوبات الهلع واضطراب الاكتئاب، وبعض اضطرابات الشخصية التي يرافقها أعراض جسدية أو أعراض جسدنة (الهستيريا مثلا، أو اضطراب توهم المرض).

أحيانا تعطينا أعراض متلازمة التعب المزمن التي تتميز بالتعب الشديد وآلام المفاصل والعضلات أعراضا مشابهو جدا لأعراض متلازمة الفيبروميالجيا يصعب التفريق بينهما. كما أن أعراض القولون العصبي المتهيج، وبعض اضطرابات النوم، أو الروماتيزم المفصلي تعطي أعراضا مشابهة أو متداخلة مع الاضطراب العضلي الليفي.

وغالبا ما يضطر المرضى لمصابون بها إلى الانتظار لمدة خمس سنوات في المتوسط، قبل الحصول على تشخيص محدد لمتلازمة الفيبروميالجيا.

المعايير التشخيصية الاضطراب العضلي الليفي

نقاط الألم الاضطراب العضلي الليفي

نعتمد اليوم في تشخيص الاضطراب العضلي الليفي على معيارين تشخيصيين أساسيين كانت قد حددتهما كلية أمراض الروماتيزم الأمريكية هما:

– وجود ألم مستمر ومتغير في مختلف انحاء الجسم ويمس جانبي الجسم الأيمن والأيسر لأكثر من ثلاثة أشهر. ويجب أن يمس هذا الألم  مختلف الكتل العضلية والظهر والعمود الفقري؛

– الشعور بالألم في أحدا عشر (11) نقطة على الأقل من أصل ثمانية عشر (18) نقطة مميزة (ومعروفة) للمرض. لكن يكتفي بعض الأطباء لدى بعض الحالات بتشخيص ثمان نقاط ألم فما أكثر لتشخيص الاضطراب. خاصة وأن موقع وعدد النقاط المؤلمة لدى نفس الشخص يختلف من يوم لآخر.

كما أن بعض الأشكال الحادة الاضطراب العضلي الليفي قد تحدث ألما في جميع أنحاء الجسم، وليس فقط في بعض النقاط العضلية.

علاج الاضطراب العضلي الليفي

غالبا ما نرى المصابة بالاضطراب العضلي الليفي تتعاطى الكثير من مضادات الألم ومضادات الالتهاب. لكنها تستمر في الشكوى من وجود آلام حادة في مناطق مختلفة من جسدها. والملاحظ أن هذه الآلام لا تستقر في منطقة عضلية واحدة، بل تنتقل بين كتل عضلية مختلفة.

يستدعي التكفل بمريضة الاضطراب العضلي الليفي تدخل عدة اختصاصات طبية للتخفيف من الأعراض وتحسين نوعية الحياة. وتجدر الإشارة الى أنه لا يوجد لحد اليوم علاج واحد فعال لكل حالات الفيبروميالجيا. ولذا تحتاج المريضة الى تجربة علاجات متنوعة ومختلفة للتوصل الى العلاج الذي يناسبها.

غالبا ما يوصي الخبراء بتجربة العلاجات التالية، التي أثبتت فعاليتها على العديد من الحالات:

الرياضة:

ممارسة النشاط البدني باستمرار، والانتظام على الرياضة لا سياما السباحة. والتي يسمح فيها ضغط الماء بتفادي الحركات الصادمة والمؤلمة، وتعمل على تنشيط كل العضلات في آن واحد. وهو ما يحافظ على قوة العضلات ويجنب فقدان الكتلة العضلية بالتقدم في السن، ويحافظ أيضا على مرونة المفاصل. كما تساعد الرياضة في افراز هرمون الأندروفين. والذي يؤدي إلى زيادة الشعور بالسعادة والرّضا ويقلل من اضطراب المزاج (المزاج السلبي) الناتج عن الألم المزمن.

العلاج النفسي مع معالج متمكن:

ويمثل العلاج السلوكي المعرفي فعاّلا جدا، لا سياما العلاج بالقبول والالتزام. يجعل هذا العلاج المريض المصاب بالاضطراب العضلي الليفي يتعلم قبول ما لا يستطيع التحكم فيه، أو تغييره، والالتزام بإحداث تغييرات في حياته وعاداته وفي نفسه. مما يعلمه التعامل مع مسؤولياته اليومية. وحل مشاكله بطريقة عقلانية والتعامل مع الأفكار والانفعالات السلبية بطريقة مختلفة عن تلك التي عهدها. ويساعد العلاج النفسي في تحسين نوعية وجودة حياة المريض.

العلاج الدوائي:

العلاج الدوائي مع طبيب مختص في العظام أو المخ والأعصاب أو أحيانا طبيب إعادة التأهيل الوظيفي. تساعد مضادات الاكتئاب بجرعات خفيفة الى متوسطة في تصحيح وتحسين المزاج ومشاكل النوم. والتخفيف من الشعور المزمن بالتعب. ويتحكم الطبيب في نوع الدواء وجرعاته التي غالبا ما تكون منتظمة وطويلة الأمد.

العلاجات التكميلية أو المساعدة من الطب البديل. كالوخز بالإبر  التي يمارسها غالبا طبيب مختص في إعادة التأهيل الوظيفي للتخفيف من الآلام. يمكن استخدام منقوع بعض الأعشاب المهدئة، أو تلك المعروفة بأثرها المضاد للالتهاب، بهدف التخفيف من تناول الأدوية المضادة للالتهاب.

قائمة المراجع

  • American College of Rheumatology. Fibromyalgia. Site internet: American College of Rheumatology. Atlanta (Etats-Unis) ; 2021.
  • Goutte J, Maindet-Dominici C, Cathébras P. Syndrome fibromyalgique. EMC – AKOS (Traité de Médecine) 2016:1-8.
  • larousse médical en ligne ; https://www.larousse.fr/encyclopedie/medical/recherche_m%c3%a9dicale/15770

روابط خارجية:

https://www.binasss.sa.cr/int23/8.pdf

https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0755498206748813

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *