القائمة

الرسم في الفحص النفسي

شارك المقال

يعتبر استخدام الرسم في الفحص النفسي للطفل و المراهق أداة أساسية للفهم العميق والمفصل للحياة النفسية والمشكلات التي يواجهونها. وبغض النظر عن المشكلة التي يتم التحقق منها أثناء الفحص. يقدم الرسم الحر أو بتعليمة إمكانيات كبيرة للمختص لجمع معطيات عن الحالات وفهم الجوانب المعرفية و الوجدانية و العلائقية. في هذا المقال الذي يعتبر كمدخل لهذه الوسيلة، سنقدم فيه لسلوك الرسم عند الأطفال و المراهقين، ونعرض فيه الأسس الخاص بالرسم كاختبار نفسي.

ماهو الرسم:

الرسم هو في الأساس نشاط حركي. ومن ثم هو تعبير تصويري عن قدرات التمثيل العقلي للطفل. مع وجود نية و قصد في أداء هذا النشاط الحركي التصويري عند الطفل و المراهق، وبالتالي فالطفل عندما يرسم فهو في الأساس يركز أكثر على الجانب الابداعي. وذلك أكثر من تركيزه على الجوانب النفسية التي يحققها له الرسم .

إن النية تعني إعداد الطفل نفسه للرسم ،والتفكير و التأمل فيه قبل أدائه و أثناء الرسم وبعده ، وسيصاحب فعل الرسم الكثير من العواطف و الإدراكات الفعلية وردود الفعل الغريزية و التأمل ، لذلك يكتسي بعدا رمزيا. ويتجاوز الطفل بواسطة فعل الرسم معتقداته ومشاعره و يعبر عن مخاوفه و قلقه و رضاه من خلال ما يعطيه للرسم من محتوى.

يسجل الطفل رسمه في واقعه ، وغالبا ما يتعلق بالواقع الاجتماعي العاطفي الذي يتطور فيه. يمكننا القول أن الرسم هو لغة من نوع خاص بين الكائن والمتمثل في موضوع الرسم والمؤلف أي الطفل أو المراهق, والمراقب وهو كل شخص موجود وقريب في محيط الطفل. في العائلة أو المدرسة، أو الأخصائي النفسي في حالة ووضعية الفحص النفسي.

كما أن الطفل من خلال نشاط الرسم ، يختبر مهاراته الحركية في إتقان التصوير وخلق أثار في محيطه. يمكنه ذلك الفعل من الشعور بذاته ووجوده، لما يمنحه ذلك الفعل من احساس بالسيطرة و القدرة على التغيير و ترك الأثر في المحيط. كما يمنحه في الوقت ذاته الاحساس بالقدرة التدميرية و التي يمارسها على أدوات ووسائط الرسم (أقلام و أوراق و مواد الرسم وموضوعات الرسم)، ومن هذا المنظور فالرسم يجعل الطفل ينمو ويتطور.

الرسم في الفحص النفسي للأطفال و المراهقين

تطور الرسم عند الطفل:

تكشف الأنماط الموجزة في الرسومات عن مراحل معرفية مختلفة من النضج وتشير إلى اللبنات الأساسية لتفكير الأطفال وشعورهم. من خلال تفسير الرسومات ، يمكن تحديد مؤشرات التأثيرات الاجتماعية والثقافية وكذلك مستوى التطور الذي تم تحقيقه ، واضطرابات النمو ، والموهبة ، والتجارب الحالية و / أو الاضطرابات العاطفية والاجتماعية والصدمات.

لذلك لا يمكننا فهم رسمات الأطفال خارج ميزات و خصوصيات المرحلة النمائية التي يمرون بها. ويجب أن نفهم هذا التطور و أن نستخرج خصوصياته. ولأن النمو متعدد الأبعاد ( معرفي نفسي اجتماعي) ، فإن الرسم كذلك يجب أن ينظر إليه من خلال أبعاد النمو المتعددة.

النمو المعرفي في الرسم:

نجد في العديد من النظريات النمائية المعرفية ما يدعم المعلومات المتعلقة بالنمو المعرفي من أمثال: نظرية بياجيه في النمو المعرفي و نظرية فيجوتسكي و كذلك نظرية برونر .

المرحلة الأولى:

– من عمر 18 شهرا إلى 3 سنوات (تقريبا) – رسم العلامات – خربشات عشوائية. سيطرة غير منضبطة/متزايدة تدريجيا، لمجرد الاستمتاع والفضول. تبدأ المرحلة الأولى من تطور الرسم عندما يمسك طفلك لأول مرة قلم تلوين أو أداة رسم أخرى بأي شعور بالهدف والفهم. لن يكون لديك أدنى فكرة عما رسمه – وربما لا يكون لديهم أيضًا (يتم تنمية هذا الفهم مع تقدمهم إلى المرحلة التالية).

الخربشات في رسومات الأطفال

في المرحلة الأولى من تطور الرسم، يتعلم طفلك ببساطة ترك علامة على الصفحة. أقول “ببساطة”، ولكن هناك حقا الكثير من التعلم يحدث في هذه المرحلة. المرحلة الأولى من تطور الرسم هي عندما يبدأ الأطفال في ممارسة تنسيق اليد والعين. تظهر المهارات الحركية الدقيقة والخشنة وتتحسن، مع نمو العضلات ونمو براعة أصابع الطفل، جنبًا إلى جنب مع فهمهم الشامل للعالم. إنهم فضوليون بطبيعتهم ويتلذذون بالتغذية الراجعة الحسية. بينما يستكشفون ما يمكنهم فعله بجسمهم، فإنهم يتقنون أيضًا مهارات اللغة المبكرة. يبدأ الأطفال في المرحلة الأولى في تسمية الأشياء ووضع العلامات عليها، وتظهر لديهم استقلاليتهم وثقتهم بأنفسهم. ويستخدم الأطفال في المرحلة الأولى معارفهم وخبراتهم لإنشاء شيء من لا شيء بشكل مستقل على الورق أمامهم.

المرحلة الثانية:

من عمر سنتين إلى سبع سنوات (تقريبا) – مرحلة تطوير الرسم التخطيطي المسبق. يبدأ الأطفال في استخدام أشكال وخطوط هندسية متنوعة لإنشاء تقريب مدروس لما يريدون رسمه. المرحلة الثانية من تطوير الرسم هي عندما يفكر الطفل فيما يريد رسمه ويحاول إعادة إنتاج هذه الفكرة على الورقة أمامه. في مرحلة ما قبل التخطيط التخطيطي، تصبح الرسومات تدريجيًا أكثر تعقيدًا ولكنها تظل غير واقعية. سيعرف طفلك ما رسمه، ولكن عليك أن تسأله! إنها تلك المرحلة. طوال مرحلة الرسم التخطيطي المسبق هذه، سيؤجل طفلك الألوان المفضلة – أو الألوان التي يربطها بأي شيء يرسمه.

يتم رسم الأشكال والتقريبات البسيطة للأشياء والموضوعات بشكل مستقل بدلا من رسمها كجزء من مشهد. في هذه المرحلة، لا يفهم الطفل المساحة أو يفهمها على الإطلاق، لذلك تبدو الأشياء وكأنها تطفو على الصفحة، وقد يتم رسم شيء واحد مثل المنزل بشكل مختلف في كل مرة. لا يوجد إحساس بالمنطق أو المنظور بعد. يبدأ الطفل تدريجيا في تطوير مخطط (الفكرة البصرية لأي شيء معين). ومع ذلك، يميلون إلى رسم ما يعتبرونه أهم شيء في الموضوع. يتطور لدى الأطفال في المرحلة الثانية بسرعة مهارات حل المشكلات والملاحظة والتفكير النقدي – بالإضافة إلى صقل مهاراتهم الحركية الدقيقة والتركيز.

المرحلة الثالثة :

من سن 4 إلى 11 عاما (تقريبا) – مرحلة تطوير الرسم التخطيطي. يظهر الأطفال مخططا لأي عنصر معين – فهم يعرفون كيف يريدون أن يبدو الشيء، وسيكون له تقريبا نفس السمات الرئيسية (بشكل يمكن التعرف عليه) في معظم رسوماتهم. النسبة والتفصيل واللون والتكرار؛ يكون طفلك قد كوّن انطباعا عن العالم ويحاول تكرار ذلك على الورقة أمامه. بحلول المرحلة التخطيطية، يبحث الأطفال بنشاط عن صور مألوفة في الكتب التي يقرؤونها – ولا يمر غياب الصور المألوفة دون أن يلاحظه أحد. لفت انتباههم إلى أهمية التمثيل في كتب الأطفال! في المرحلة الثالثة من تطوير الرسم، يبدأ الأفق والأرض في الظهور في رسومات الطفل.

يبدأ طفلك في إنشاء مشهد، وتطفو الأشياء بشكل أقل كثيرا. يوضح المخطط أن الطفل يفهم بعض الشيء ما يراه ويختبره في عالمه. قد يبتكر الأطفال الآن قصصا تتماشى مع رسوماتهم والعكس صحيح. الآن، يتم استخدام الأنماط والأشكال والتفسير والتجربة والخطأ في كل مرة يلتقطون فيها قلم رصاص. يبني الأطفال على ما تعلموه حتى الآن ويبدأون في التجربة والصقل.

المرحلة الرابعة :

من سن 9 إلى 13 عاما (تقريبا) – مرحلة تطور الرسم الانتقالي. يُشار إلى هذه المرحلة أحيانا باسم ما قبل المراهقة، لكنني عمدا لن أسميها كذلك لأنها يمكن أن تبدأ في كثير من الأحيان في وقت لاحق. تغطي المرحلة الرابعة الفترة التي تتطور فيها مهارات الرسم لدى الطفل بشكل كبير. يرسم الأطفال وفقا لمعايير فهم البالغين للعالم، ولكن الشيء الرئيسي الذي يفصل هذه المرحلة عن المرحلة التالية هو أن الطفولة لا تزال سائدة في غالبية أعمالهم الفنية.

مراحل تطور الرسم

ينتقل الأطفال من المخططات الأساسية إلى رسومات أكثر دقة وفرادة – لم يعد هناك انطباع قياسي ثابت. ومن المثير للاهتمام أنه عادةً ما يعبر الطفل عن الأدوار الجنسانية ويحددها في رسوماته فقط في هذا العمر – وهذا هو السبب في أن كتبنا تظل محايدة بين الجنسين بفخر. في المرحلة الرابعة من تطور الرسم، يضيف الطفل أو الشاب البالغ التفاصيل والمنظور المكاني كمعيار. كن حذرًا، ففي هذه المرحلة تقريبًا يبدأ الطفل في تقدير التفاصيل في الأعمال الفنية الأخرى وقد يشعر بالإحباط والنقد الذاتي تجاه أعماله الخاصة.

النمو النفسي في الرسم:

تشرح نظرية التحليل النفسي هذه المراحل التي يمر بها الطفل لغاية بلوغ سن الرشد، و التي تستند أساسا إلى أعمال سيغموند فرويد .

المرحلة الفمية:

تمتد هذه المرحلة عادة من الولادة حتى عمر السنتين، وتعرف بمرحلة “الخربشة”. في هذه الفترة، يبدأ الطفل بترك آثار على الأسطح، سواء كان ذلك بخدوش على الجلد أو بخطوط على الطعام. مع اقتراب الشهر التاسع، يلاحظ الطفل وهو يمسك القلم لأول مرة ليخط أول خط له، مما يعد لحظة مميزة في تطوره. عبر تكرار هذه التجارب، يبدأ الطفل بتطوير نمط عمل يُدخله إلى عالم الرسوم التعبيرية. وبين السنتين والثلاث سنوات، بجانب قوة الكلام، يكتشف الطفل قوة الصورة ويمارس التعبير عن ذاته من خلال الرسم، خاصة إذا كانت البيئة المحيطة تشجعه على هذا النوع من التعبير.

تستمر هذه المرحلة حتى حوالي ثلاث سنوات. وقد أشار الباحث “نغوين” (1989) إلى أن الخربشة تبدأ بشكل عمودي قبل 18 شهرا، حيث يرسم الطفل خطوطًا بيضاوية ومائلة، بينما تتطور لاحقًا إلى خربشات أفقية بعد 18 شهرًا، مما يعكس تقدماً في إدراك الطفل للعالم الخارجي. تعتبر هذه الآثار الأولى التي يتركها الطفل مشابهة للعبة “التعبير بالكرة” التي وصفها فرويد، حيث يتم فيها التصوير الرمزي لظهور واختفاء الأم، وهي لعبة يتعلم فيها الطفل التحكم في عالمه.

المرحلة الشرجية:

بين السنتين وأربع سنوات، ينتقل الطفل إلى مرحلة الرسم، حيث تتركز الرسومات على استجابة مباشرة لحاجة الحركة وتعبير عن “إيقاع الحياة”. تزداد مهارات التحكم في الحركة تدريجياً، حيث تبدأ اليد في السيطرة على الحركات، وتنتقل تدريجيا إلى إنشاء الأشكال مثل البيضاوي والمربع، والتي تعرف بالدائرة الأولية. ومع نهاية السنة الثالثة، يصبح الرسم أكثر تميزا، ويبدأ الطفل بتحديد الأشكال التي يرسمها. ويظهر الطفل عبر رسوماته سمات المرحلة الشرجية؛ إذ يعكس البعض منها الاحتياج للتماهي مع الآخرين من خلال الاهتمام بالتفاصيل والدقة، بينما تظهر أخرى العدوانية من خلال الخطوط العشوائية والمظاهر الصاخبة، وذلك استجابة لمشاعر مثل الغيرة الأخوية والفضول الجنسي.

المرحلة القضيبية:

تبدأ هذه المرحلة حوالي سن الثالثة وتستمر حتى السادسة. في هذه المرحلة، يعبر الطفل عن فضوله الاجتماعي، ويتمكن من رسم خطوط وأشكال تخدم فكرة ما يريد التعبير عنها. يظهر التمايز بين الجنسين في الرسومات نحو سن الخامسة، حيث يصبح تمثيل الشخصيات والأشياء أكثر تعقيدًا، ويبدأ الطفل برسم الشخصيات ضمن بيئات معينة. يعكس الرسم في هذه الفترة فضول الطفل واكتشافه لنفسه.

مرحلة أوديب:

مع بلوغ الطفل حوالي سن السادسة، تتطور الرسومات لتعكس مشاعر الطفل تجاه الآخرين. يظهر ذلك عبر رسومات تحمل طابع الإغراء مثل الزهور الصغيرة والقلوب، والتي ترمز إلى تمثيل العلاقات الأبوية. في هذه المرحلة، يرمز الطفل إلى نفسه في رسوماته عبر تمثيلات رمزية للقوة، كالقصور والشمس، والتي تعبر عن الأنا القوية. تبدأ الرسومات لاحقًا بالاستقرار عندما يتقبل الطفل هويته الشخصية.

مرحلة الكمون:

تبدأ هذه المرحلة من سن السابعة، حيث تصبح رسومات الطفل أكثر دقة ووضوحًا. يتخلى الطفل عن الرموز، ويتجه نحو رسم أشكال واقعية تعكس معلوماته البصرية. تبدأ معالم الرسوم باتباع التماثل والوضوح. مع بلوغ سن الحادية عشرة، يميل الطفل إلى الواقعية المرئية ويقل الاعتماد على الرمزية، بينما يصبح التعبير عن الذات من خلال الفنون الأخرى أكثر أهمية.

الرسم الحر في المراهقة:

في سن الثانية عشرة، تتسم رسومات المراهقين بالفوضى والتردد، حيث يعبرون عن محاولة اكتشاف الذات. وقد يظهر في الرسومات رموز تدل على صراعات المراهقة، كالشخصيات المخيفة والألوان الداكنة. يعتبر الرسم وسيلة فعالة لتفريغ المشاعر، ويتيح للمراهق التعبير عن أزماته العاطفية بوضوح. مع نهاية هذه المرحلة، يبدأ المراهق بالتركيز على أنشطة أخرى كالموسيقى والمسرح، ويظهر ذلك في التعبير الفني المتوازن، الذي يمثل انتقاله من الطفولة إلى النضج.

تحليل الرسم :

 المعايير الأساسية:

 إذا كان التأمل أو التقدير الذاتي لجماليات رسم الطفل يبدو لنا تمرينا سهلا، فإن الأمر يختلف تماما عندما يهدف إلى تقديم قراءة موضوعية من أجل إجراء دراسة عيادية مفصلة لتفسير سلوكات أو اضطرابات الطفل. في وضعيات البحث أو التشخيص. لكننا يمكن أن نقف أو نقدم بعض المعايير الأساسية الدقيقة و التي يمكن أن تساعد في فهم رسومات الأطفال في الفحص النفسي,

الخطوط في رسم الأطفال

أولا الخصائص العاطفية للموضوع:

من المناسب أن نسأل أنفسنا عند القراءة الأولى عن مستوى الشخصية الذي يكشفه لنا الرسم. هذه الخصائص هي الأكثر ملاحظة بمعنى أنها مدعومة بحركة الرسم، الاتجاه، استخدام المساحة، قوة أو ضعفالخطوط على الدعامة، اللون.يضع الطفل أو المراهق نفسه في مكان ما.

. تحليل استخدام الطفل للمساحة وملء الورقة البيضاء:

 يُعد جزءا أساسيا من هذا التقييم، حيث تتضح خصائص الرسم الأكثر ملاحظة من خلال حركة الرسم، الاتجاه، استخدام المساحة، قوة أو ضعف الخطوط، واللون. يضع الطفل أو المراهق نفسه في مكان ما، عليه أولاً أن يدير قلق الفراغ الذي ترمز إليه الورقة البيضاء، ثم يرتب رسمه بحيث يشعر بأمان معين أو يعبر عن عالمه الحميمي

. اتجاه الرسم ودلالات الحركة في شخصية الطفل:

 تساعدنا على فهم المراكز النفسية للطفل؛ حيث تعد حركة الشخصيات نحو اليمين أو اليسار علامة على موقعه العاطفي.

ينبغي هنا التركيز على الاتجاه العام للإنتاج. مثل الكتابة، نقيّم تنظيم الرسم وترتيبه، أي الخطط والمحاور والعلاقات بين الكتل

. تأثير العمر على تنظيم العناصر وموضع الرسم على الورقة

يعتبر أيضا عاملا مهما، حيث تختلف تموضعات الأطفال تحت سن 5-6 سنوات عن الأكبر سناً، مما يستدعي مراعاة عامل العمر في قراءة الرسم.

تقدير الأبعاد والنسب كدلالة على تأكيد الذات

يُظهر قدرات الطفل على تأكيد ذاته من خلال الأبعاد والنسب؛ فهل تحترم النسب بشكل جيد، أم يظهر الرسم تثبيطا من خلال صغر العناصر أو حيوية زائدة؟ كما أن الأشكال المرسومة وتقييم التوازن والإبداع تعد مؤشرات هامة؛ فالأشكال، سواء كانت متماثلة أو متقاطعة أو عمودية، قد تكشف عن نمط إبداعي أو علامة على عدم التوازن.

موقع الطفل في الرسم وعلاقته بالعناصر المحيطة

يحظى باهتمام خاص؛ إذ نلاحظ ما إذا كان الطفل يمثل نفسه أم يستبعدها، ونحدد أيضا مدى قربه من عناصر معينة مثل جسم أو شيء معين، وهل هو معزول أم متصل. هذه النقطة تساعدنا في تقييم الوضع العاطفي للطفل أو المراهق، واهتماماته أو مخاوفه، وديناميكيته الشخصية. كما تعكس الروابط بين العناصر ودلالات الاحتياجات العلاقية احتياجات الطفل العاطفية والعلاقاتية.

الرمزية العاطفية للألوان ودورها في التفسير

مهمة أيضا، فنحن في مجتمعاتنا نربط اللون الأحمر بالغضب والأسود بالاكتئاب. وتوضح الأبحاث أن الألوان تعبّر عن سمات عاطفية معينة، سواء كانت ألوانا دافئة أو باردة.

تأثير التضاريس وعناصر العمق في التعبير عن الحاجات النفسية،

. تعد التضاريس، كما يوحي اسمها، عناصر تخلق الارتفاع، وتخلق الواسعة أو الانغلاق عبر غيابها، وتعكس الحاجة إلى التنفس، والهروب أو العزلة، والتأمل.

الخصائص الحسية للرسم (الخطوط ):

 ستتألف المرحلة الثانية من التفسير الموضوعي للرسم من ملاحظة ما يترك أثرا، وما يخلق الوجود، أي الخط. ومن الأثر الأول يمكننا التعرف على الخط وقوته وقوته واتجاهاته وما إلى ذلك.. تنقسم هذه الخصائص الحسية للخط إلى فئتين فرعيتين تتوافقان مع كل ما يشكل ديناميكية الخط ونشاطه وحقيقة أنه حي. ومن بين هذه العناصر النشطة، يلاحظ فرنانديز دعم الخط وسمكه.

عندما يستخدم الطفل أو المراهق قلم الرصاص بطريقة واضحة ذات سماكة قوية، فإن هذا يشير إلى قدرة الموضوع على العمل، والسعي إلى تأكيد الذات أثناء تجربة المواقف الجسدية. يبدو أن العلاقة مع المادية لها الأسبقية على حقيقة تفضيل الحياة الداخلية. يبدو الطفل واثقاً وجريئا وحيويا.

صفاء الخط :

يظهر كشاهد على قدرة أكبر على الاستقلال للفرد، والتوازن النفسي والصلابة مع ربطه بشكل من البارد في التفاعلات الاجتماعية.

مباشرة الخط:

تعتبر خاصية لقدرة اتخاذ القرارات، ويمكن ملاحظة عدم التردد في التعامل مع أحداث الحياة. وأخيرا،

سرعة الخط:

ستكون علامة على الطاقة الحركية. من بين العناصر التي تعتبر سلبية، يعتبر خفة الخط حيث يوجد الانقياد مع القدرة على “الشعور بالواقع، والتمتع بتصوراته” . لدى الطفل أو المراهق، سيثير هذا الخط الخفيف الخجل والضعف ونقص الثقة بالنفس. يمكن أيضا أن يكون الخط طينيا وسنلاحظ في هذه الحالة موقعه على الورقة.

إذا كان طينيا على اليسار من الورقة، فسنعتبر وجود حساسية مفرطة للماضي، إذا كان طينيا على اليمين من الورقة، فإن الحياة الاجتماعية الحالية بأكملها ستكون محملة بالمشاعر والعواطف. الضغط مكثف، مما يعكس اضطرابًا عاطفيًا يحول في بعض الأحيان دون التبادل والعمل النفسي.

الخطوط ذات الطابع المنحني:

ستكشف عن طبيعة العالم الداخلي للشخص حيث تكون الصور مهمة بشكل كبير، مع ثراء تعبيري قوي. يقترح كروتي وماجني (2001) اعتبار الدوران والانحناء المفرط للخط كرغبة في الحماية يعبر عنها الطفل يذكر الكوكبة الجنينية. وأخيرا، سنلاحظ بطء الخط ، مما يشير إلى العقبات النفسية العديدة التي تعيق العمل. الحذر والتردد مهمان، مما يشير إلى وجود نوع من الصراع أو القمع.

تفسير رسومات الأطفال في الفحص النفسي

للحصول على تحليل موضوعي للرسم:

 لاحظ أنه لأي قراءة موضوعية لرسم الطفل، فإن عناصر التاريخ والمقابلة مع معلمي الطفل ضرورية. علاوة على ذلك، سيكون من الخطأ، بل والخطير، التفكير في تقديم تحليل مفصل لرسومات الأطفال أو المراهقين الذين لم نشهد إبداعهم. في الواقع، تعتبر لحظة الرسم أمرًا حاسمًا بالنسبة للطبيب، الذي لا يستطيع ملاحظة ترتيب ظهور العناصر المرسومة فحسب، بل يلاحظ أيضًا المشاعر التي يثيرها تمثيل أشياء معينة. يمكن أخذ التحليل النهائي بعين الاعتبار عندما يدعم ويكمل الملاحظة السريرية الأولية.

 وفي جميع الأحوال، يظل رسم الطفل إبداعًا يسمح بالتعبير عن الذات، ويجب أن يؤخذ على محمل الجد والاحترام. من الواضح تمامًا أن الأحكام والمؤشرات والاقتراحات النوعية بشأن مثل هذا الإنتاج لن تؤدي إلا إلى إزالة المعلومات والتحليل السريري من الرسم. علاوة على ذلك، فإن هذا الإنتاج الذي يكشف عن جزء حميم من الموضوع يمكن أن يكون بمثابة رافعة للتبادل وإقامة علاقة دعم. سيخبرنا الرسم بشكل خاص عن الصورة اللاواعية. سيتم تمثيل الصدمات المحتملة، وطريقة التبادل العلائقي، والتماسك الداخلي للطفل. كما أن تفسير الرسم، إذا كان موجهاً إلينا، سيتم خارج حضور الطفل، ولكن دائماً بموافقته المسبقة. ومن المناسب أيضا، من الناحية الأخلاقية، أن نبين للطفل منذ اللقاء الأول هدف اللقاء وقضاياه ومستقبله العلاجي إن أمكن.

أهمية السياق والملاحظة السريرية في تحليل رسومات الأطفال:

الموضوع فريد، وإنتاجه الرسومي أيضا. لذا، من الضروري أن نبقى حذرين وألا نعمم خصائص النشاط الرسومي التي قد نعتقد أنها عالمية وثابتة وغير قابلة للتعديل. بالإضافة إلى ذلك، يتم تفسير رسم الطفل أو المراهق دائمًا على شكل فرضيات سريرية. وستقوم المقابلات التالية بتحسين هذه الفرضيات لتأكيدها أو نفيها إذا تطلب الأمر. يجب دائما النظر إلى الإنتاج الرسومي في مجمله، وتفكيك العناصر واحدة تلو الأخرى قد يؤدي إلى فقدان جوهر إنجازه. إن الرسم ينتمي إلى سياق معين، في بيئة وظروف تحديدية للإنجاز.

لذلك، يجب الحفاظ على تحفظنا أمام رسومات الأطفال. وأن نذرك كمختصين أنه لا يمكن للرسم بمفرده تفسير كل شيء، أو حل كل مشكلة. في التقييم النفسي للطفل أو المراهق، يشكل الرسم جزءا فقط من الأدوات المستخدمة في التشخيص، ولا يمكنه بأي حال من الأحوال تقديم تأكيد مطلق بشأن وجود اضطراب نفسي أو إصابة نفسية. وكثيرا ما تؤدي الأحداث اليومية أخطاء في التفسير؛ خاصة عند قراءة رسم بسيط، من الضروري أن لا يقلل النفسانين من مهنتهم ومن هذه الأداة من خلال تحليلات فوضوية مليئة بالتصورات المتعددة.

الخصوصية والسرية في عرض الرسومات:

وأخيرا، لن يتمكن الطفل فقط من اختيار متلقي رسمه والذي لن يكون بالضرورة هو المعالج، بل يجب أيضا أن يتوافق موقع الرسم مع أسباب إنشائه. وبعبارة أخرى، فإن الرسم الذي يشهد على الصراعات العاطفية لدى الطفل، والصعوبات النفسية التي يعاني منها، ومعاناته الحميمة لن يكون بأي حال من الأحوال موضوعا للعرض في مكتب طبيب نفساني. وبالمثل، عندما يتم عرض الرسم بالاتفاق المتبادل، فمن الضروري التأكد من أنه لا يحتوي على عناصر تعريف مرئية.

ومن الممكن دائما التفاوض مع الطفل على كتابة الاسم الأول على ظهر الرسمة. من الواضح أن الاسم الأخير أو تاريخ الميلاد أو أي شيء آخر يجب ألا يكون مرئيا للأشخاص الذين يدخلون مكتب الطبيب النفسي، سواء كانوا أطفالا آخرين أو محترفين أو آباء أطفال.

خصائص الرسم الحر:

 يعد المزاج والخط من العناصر الأساسية لمراقبة الرسم. بالنسبة للرسم الحر على وجه الخصوص، فإننا نأخذ بعين الاعتبار أربعة جوانب.

كل الرسم الحر هو تعبير عن الذات. ويمكن قراءة المزاج من خلال الحالات العاطفية التي ظهرت أثناء إنشائه، والألوان المستخدمة، وإدارة الفراغ والمساحة، وخصائص الشكل وطبيعة الخطوط. كما يتميز الرسم الحر بخاصية و قيمة السرد الذاتي. إنها قصة تُروى على أجزاء، من خلال رسائل رمزية. إنه الخيال الذي يتم عرضه هنا، ليروي لحظة سعيدة، أو موقفا صعبا، أو رغبة غير متوقعة.

يعتمد موضوع الرسم في أغلب الأحيان على السياق الذي تم إنشاؤه فيه. حيث تأثر الأحدث الواقعة وذات التأثير الاجتماعي أو المشتركة على رسومات الأطفال ، فلن يكون غريبا رسم الطفل لمتعلقات شهر رمضان كالهلال و الفوانيس في بعض الدول الاسلامية و رسمات الحلويات و العيد و ما يرتبط به … خلال ذلك الشهر، ثم يروي الطفل أحلامه جزئيا. يظهر حالاته العاطفية في المواقف الحالية وهو عالمه الخيالي الذي يكشفه لنا من خلال رسمه. لن يكون تحليل تصور الواقع أكثر اكتمالا إلا إذا تم إجراء مقارنات بين العديد من الرسومات.

 للرسم الحر أيضا قيمة ثالثة وهي الإسقاط الذاتي. إن رسم الأفعال في الحقيقة هو بمثابة مرآة لطريقة إدراك الإنسان لذاته وإدخال الإنسان إلى العالم المحيط به. في هذا الإدراك الإسقاطي سنكون قادرين على ملاحظة الرسم ككل، ورؤية ما “ينقله”، وما يعطيه عموما كشعور (الرفاهية، الصفاء، الاضطراب، القلق، الصدمة، إلخ.) . وبالتالي فإن الشخصية ككل تكون مرئية جزئيا من خلال هذا الرسم الإسقاطي.

 وأخيرا، فإن الرسم الحر له قيمة نهائية سنسميها الارتباط حيث يتشابك التعبير والسرد والإسقاط بطريقة فريدة لكل فرد. يتم النظر في كل شيء هنا، من الشكل إلى الخط، من المحتوى إلى العاطفة، من الرمزية إلى الموضوع، في نهج ديناميكي نفسي… الشذوذات، سيكون وجود الأصالة أو غيابها موضوع اهتمام خاص في مبدأ الارتباط هذا.

خاتمة:

في الختام، يُعَدّ الرسم أداة قوية في الفحص النفسي للطفل والمراهق. إذ يوفر نافذة فريدة على عوالمهم الداخلية، مشاعرهم، وتطورهم العقلي والعاطفي. بفضل هذا النشاط الفني، يمكن للمختصين النفسيين فهم تطور الطفل أو المراهق من خلال مراحل النمو المختلفة. والتعرف على الجوانب النفسية والاجتماعية التي تؤثر في شخصياتهم. يكشف الرسم عن سمات فريدة، ويتيح المجال للتواصل وفهم الذات بطرق لا يستطيع الكلام وحده تحقيقها. ولهذا، ينبغي للمختصين اتباع منهجيات تحليل دقيقة، تأخذ في الاعتبار السياق والتاريخ الفردي لكل حالة، لضمان فهم عميق ومساعدة فعالة لكل طفل.

قائمة المراجع:

  1. Waiswol N (1995) Projective techniques as psychotherapy.American journal of psychotherapy.
  2. Ramos FS (2007) Imaginary pictures, real life stories: The Foto dialogo method. International Journal of Qualitative Studies in Education 20: 191–224.
  3. Goodenough F (1926) Measurement of intelligence by drawing. New York: World Book.
  4. Dans-Lopez G,Tarroja MCH (2010) Exploring human figure drawings as an assessment tool for departing OFW domestic helpers and caregivers. Philippine Journal of Counseling Psychology 12: 13-38.
  5. Imuta K, Scarf D, Pharo H, Hayne H (2013) Drawing a close to the use of human figure drawings as a projective measure of intelligence. Plos One 8: 58991.
  6. Li CY, Chen TJ, Helfrich C,Pan AW (2011) The development of a scoring system for the kinetic house-tree-person drawing test. Hong Kong Journal of Occupational Therapy 21: 72-79.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *