القائمة

سلوك التحفيز الذاتي عند المتوحد

شارك المقال

التحفيز الذاتي عند المتوحد: يستخدم الأشخاص المصابين باضطراب التوحد من مختلف الفئات العمرية سلوك التحفيز الذاتي كأسلوب لتهدئة أنفسهم أمام القلق والتوتر والضغط النفسي أو العصبي. وغالبا ما يتبع التحفيز الذاتي الشديد بالانهيار. وهو ما يجعل من التحفيز الذاتي مؤشرا مهما لتنبيه الراشدين في بيئة المتوحد باقتراب الانهيار.

ما هو سلوك التحفيز الذاتي؟

غالبا ما يرتبط التحفيز الذاتي باضطراب طيف التوحد. بحيث يعتبره الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية في إصداره الخامس(DSM-5) كجزء من المعايير التشخيصية لاضطراب طيف التوحد. ويعرّفه بأنه سلوكيات حركية نمطية ومتكررة، أو استخدام الأشياء أو الكلام أو نفس الصوت. هذه الأعراض تسبب ضعفا سريريا في المجالات الاجتماعية أو المهنية أو غيرها من المجالات المهمة للأداء الحالي. عندما يتداخل التحفيز الذاتي مع الأنشطة اليومية ويمنع التعلّم، فغالبا ما يكون ذلك أحد أعراض اضطراب التوحد. ويستخدم الشخص باضطراب التوحد التحفيز الذاتي أحيانا للمساعدة في التعامل مع العواطف.

التحفيز الذاتي

متى يظهر سلوك التحفيز الذاتي؟

قد يظهر سلوك التحفيز الذاتي لدى الأطفال الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)  للتعامل مع المشاعر والعواطف. وتتضمن أمثلة التحفيز لدى الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه الطنين أو قضم الأظافر أو تدوير الأشياء بشكل متكرر. تستخدم سلوكيات التحفيز الذاتي في هذا الاضطراب للمساعدة في محاربة الملل، أو تعزيز التركيز على المهام المملة، أو تهدئة النفس أمام التوتر والقلق.

كما يعتمد الأشخاص المصابون باضطراب فرط النشاط والحركة ونقص الانتباه على سلوك التحفيز الذاتي للمساعدة في توجيه الانتباه والتركيز بشكل أكبر. في حين يميل الأشخاص المصابون باضطراب طيف التوحد إلى استخدام هذه السلوكيات للمساعدة في التعامل مع الكم الكبير من المثيرات الحسية أو أمام الإثارة والفرح.

سلوكيات التحفيز الذاتي الشائعة لدى أطفال التوحد

سلوك التحفيز الذاتي السمعي:

يتضمن ذلك السمع والأصوات، مثل فرقعة الأصابع أو نقر الأصابع أو نقر الأشرطة المطاطية، لمس الأذنين بشكل متكرر، الاستماع إلى نفس الصوت بشكل متكرر.

سلوك التحفيز الذاتي الصوتي:

يشمل هذا النوع من سلوك التحفيز الذاتي الأصوات التي يصدرها الطفل بصوته، مثل السعال المتكرر أو تطهير الحلق عدة مرات، تكرار نفس الكلمة، الهمهمة، تكرار الكلمات أو العبارات أو الأصوات، الصرير، تكرار أو ترديد كلام شخص آخر.

سلوك التحفيز الذاتي اللمسي:

وتشمل السلوكيات التي تنطوي على اللمس، مثل فرك أو خدش الجلد والبشرة، فتح وغلق قبضة اليد، النقر بالأصابع على الجسم أو على سطح معين،الرفرفة باليدين أو الذراعين.

سلوك التحفيز الذاتي البصري:

تتضمن هذه السلوكيات كل ما يرتبط بالبصر، مثل النظر إلى الأضواء لفترة طويلة أو الرمش أو تحريك العين بشكل متكرر، أو تدوير الأشياء ومراقبة حركة الدوران، التحديق في الأشياء التي تدور أو تتحرك بحركات دائرية مثل المروحة أو الغسالة، اشعال واطفاء الأضواء.

سلوك التحفيز الذاتي الدهليزي:

يتضمن هذا النوع من السلوك التحفيزي الحركة أو التوازن أو الدوران حول شيء أو شخص معين، التحرك ذهابا وإيابا بتناسق.

سلوك التحفيز الذاتي الشمي:

يتضمن هذا النوع من التحفيز التذوق أو الشم، مثل شم الأشياء أو الأشخاص، أو مضغ الأشياء أو لعقها.

سلوك التحفيز الذاتي للجسم كاملا:

يتضمن هذا النوع من السلوك الحركة التي تشمل الجسم بالكامل، مثل هز الجسم ذهابا وإيابا، ضرب الرأس على الحائط أو على الوسادة، الدوران حول الذات، هز الرجلين، لف الشعر، المشي على رؤوس الأصابع أو القفز.

التحفيز الذاتي

هل يمكن إيقاف سلوك  التحفيز الذاتي؟

عادة ما يكون هذا السؤال هو الأول الذي يطرحه الآباء أمام سلوكيات التحفيز الذاتي التي يطورها أبنائهم.

يجب الإشارة الى أنه وكإجابة على هذا السؤال، لا يمكن إيقاف سلوكيات التحفيز الذاتي لدى الشخص باضطراب التوحد. وعلى العكس يمكن إزالة المحفز الرئيسي للتحفيز الذاتي، واستبداله بمحفز آخر.

عادة ما يكون سلوك التحفيز الذاتي غير ضار، لكنه يبدو غريبا للآخرين. لا يجب أن يحاول أي شخص إيقافه إذا لم يسبب أي ضرر للشخص أو للمحيطين به. خاصة وأن سلوك التحفيز الذاتي أمر طبيعي في اضطراب التوحد، وبدلا من السؤال عن كيفية إيقاف هذا السلوك، نطرح السؤال بطريقة أخرى لماذا ينخرط الطفل في سلوك التحفيز الذاتي؟

أسباب سلوك التحفيز الذاتي لدى طفل التوحد

غالبا ما يكون فهم سبب قيام طفل التوحد بسلوك التحفيز الذاتي أكثر أهمية من محاولة إيقافه، إلا إذا كان السلوك ضارا له أو لشخص آخر. هناك العديد من الأسباب أو المحفزات التي قد تدفع الطفل أو المراهق والراشد المصاب بالتوحد إلى الانخراط في سلوك التحفيز الذاتي. ويوجد العديد من الفرضيات التفسيرية لسببية سلوك التحفيز الذاتي لدى طفل التوحد نذكر منها:

أولا، التحفيز الزائد.

أمام إحساس الطفل بثقل المدخلات الحسية والتحفيز الكبير، يقدم على سلوكيات التحفيز الذاتي لمنع أثر هذه المدخلات الحسية الزائدة.

ثانيا، التقليل من التحفيز.

ترى هذه الفرضية أن سلوك التحفيز الذاتي يساعد على توفير مدخلات حسية إضافية عند الحاجة.

ثالثا، تقليل الألم.

تعتبر هذه الفرضية أن سلوك التحفيز الذاتي يسبب إطلاق بيتا إندورفين في الجسم، والذي يسبب الشعور بالتخدير أو بالمتعة. مثلا، الضرب المتكرر للرأس أو للجسم يقلل من الإحساس العام بالألم، أو يعطي إحساسا بالمتعة.

رابعا، إدارة العواطف

.  أحيانا تؤدي المشاعر الإيجابية والسلبية لدى الشخص باضطراب التوحد إلى موجة من التحفيزات الذاتية. على سبيل المثال، القفز أو الرفرفة باليدين اتجاه انفعال الفرح أو الإثارة والحماس. في حين يؤدي انفعال الإحباط أو الغضب إلى تكثيف الحافز إلى درجة أنه يصبح مدمرا أحيانا. ويخدم سلوك التحفيز الذاتي غرضا ما. اذ يمكن أن يكون طريقة ليشعر بها الشخص باضطراب التوحد بالثبات في الوقت الحالي وينظم بها مشاعره. مثلا، عندما يشعر الشخص المصاب باضطراب التوحد باندفاع مفاجئ للمشاعر، فإن تلك الطاقة يجب أن تذهب إلى مكان ما. يوفر سلوك التحفيز الذاتي منفذا لتلك الطاقة، ويسمح للشخص بمواصلة العمل في أي مكان يتواجد فيه بدلا من الهروب منه.

خامسا، التهدئة الذاتية.

تعمل بعض سلوكيات التحفيز الذاتي على تهدئة الطفل. اذ يتعلم العديد من أطفال التوحد مص الإبهام، أو قص الأظافر، أو التمايل يمينا ويسار أو تغطية الأذنين للاسترخاء.

سادسا، أعراض لمشكلة طبية.

أحيانا يكون التحفيز الذاتي أحد أعراض مشكلة طبية مستمرة مثل الصداع النصفي، أو ألم الأسنان أو في الجهاز الهضمي.

كيفية الحد من سلوكيات التحفيز الذاتي لدى طفل التوحد

سلوك التحفيز الذاتي عند المتوحد

يجب في البداية إجراء فحص طبي شامل،

لإلغاء احتمالية وجود أسباب طبية/عضوية لسلوك التحفيز الذاتي، مثل التهابات الأذن والألم المزمن والصداع النصفي وتسوس الأسنان وغيرها.

– إعادة النظر في البيئة الحسية

إعادة النظر في البيئة الحسية التي يتواجد بها الطفل سواء في البيت أو في المدرسة. وإعادة النظر أيضا في البيئة العاطفية له لتحقيق أقصى قدر من الراحة للطفل.

– التمارين الرياضية:

ادخال التمارين الرياضية في الروتين اليومي أو الأسبوعي لطفل التوحد تحت اشراف أخصائي اضطرابات حسية-حركية أو أخصائي علاج وظيفي. كون التمارين الرياضية المنظمة والموجهة تقلل من الحاجة إلى التحفيز الذاتي، لأنها ترتبط بالإندروفين بيتا تماما مثل التحفيز الذاتي.

-التفاعل مع الطفل:

يجب على الراشدين في بيئة الطفل الاستمرار في التفاعل مع الطفل أثناء حدوث سلوك التحفيز الذاتي. في هذا السياق يقترح جيمس ماكدونالد أن الأفراد المصابين بالتوحد يميلون إلى إدراك العالم من خلال الإحساس والفعل، في حين أن الأشخاص الطبيعيين يدركونه من خلال الفكر واللغة. وبمجرد فهم هذا الاختلاف، تصبح سلوكيات التحفيز الذاتي منطقية من وجهة نظر طفل التوحد. ويوصي ماكدونالد بأنشطة تبادل الأدوار لإشراك الطفل في النشاطات والتفاعلات دون محاولة توقيفه عن سلوك التحفيز الذاتي أثناء تأدية النشاط. سيصبح بعد ذلك النشاط مريحا وممتعا بالتدريج، وهو ما يقلّل من سلوم التحفيز الذاتي تلقائيا.

– إنشاء علاقة إيجابية بين سلوك التحفيز الذاتي وبناء العلاقات.

من بين طرق استخدام سلوك التحفيز الذاتي كجزء منتج من عملية التعلّم هو السماح بسلوك التحفيز الذاتي كمعزز أو كمكافأة بعد فترة من التفاعل المرح أو من العمل الجاد. تقول جوليا مور في مؤلفها “اللعب والضحك والتعلم مع الأطفال في طيف التوحد” أن تخصيص وقت للتحفيز سيمنح الطفل الراحة لكونه على طبيعته، ويشجّعه على المزيد من التفاعل، ويقلّل إجمالي عدد الساعات التي يقضيها يوميا في سلوك التحفيز الذاتي.

– انضمام الراشد إلى سلوك التحفيز الذاتي للطفل.

يقترح برنامج السان رايز (Son-Rise) التدريبي الانضمام إلى سلوكيات التحفيز الذاتي لطفل التوحد كوسيلة لبدء التفاعل معه. إذا كان طفل التوحد مثلا يقوم بتدوير الألواح، على الراشد المتواجد معه القيام بنفس الفعل/ تدوير الألواح. وإذا كان طفل التوحد يتمايل يمينا ويسارا، على الراشد القيام بالتمايل بجوار الطفل. يسمح هذا النوع من السلوكيات بجذب انتباه الطفل الى سلوكه من خلال الآخر، فيتمعن فيه، ويدركه، ويتفاعل مع الآخر، مما يؤدي الى التوقف عن السلوك.

فاستخدام الإيماءات مثلا في عملية التواصل مع طفل التوحد، يجعله يضطر الى استخدام الأسلوب نفسه من أجل الحصول على ما يريد. ان استخدام الطفل للإشارة بشكل هادف سيصبح مع الوقت جزءا من التفاعل اليومي له. ويعتبر أسلوب النمذجة هذا وسيلة لتعليم الطفل أسلوب تواصل ينتج نفس النوع من الأحاسيس التي ينتجها سلوك التحفيز الذاتي، ولكنها تؤدي تطور النمو، والتفاعل والتواصل.

– اقران سلوك التحفيز الذاتي بتدريبات التنفس.

عندما يرفرف الشخص باضطراب التوحد مثلا بيديه، يمكن للراشد المتوجد معه محاولة إقران ذلك بأخذ نفس عميق يدخل ويخرج بهدوء. يساعد هذا الشخص المتوحد على التنظيم الذاتي دون الضغط الإضافي الناتج عن رؤية ردود الفعل السلبية أثناء إدارة العواطف.

– التحفيز لا يحدث دائما بسبب الضيق والتوتر والضغط.

يمكن أن يكون استجابة للإثارة والسعادة لدى طفل التوحد. في كثير من الحالات، وبناء على الخبرة، يمكن للوالدين التمييز بين سلوك التحفيز الذاتي السعيد وسلوك التحفيز الذاتي العصبي.

خاتمة

من خلال ما تم عرضه عن سلوك  التحفيز الذاتي عند المتوحد يمكننا الاستنتاج أن هذا السلوك مرتبط باضطراب التوحد، ولا يمكن منع الطفل من ممارسته؛ لأن له دور أساسي في التهدئة الذاتية للطفل وتحمل القدر الكبير من المثيرات الحسية القوية التي تمارس ضغطا على الجهاز العصبي للطفل. وعليه فان تعلم الراشدين في بيئة طفل التوحد أو الشخص باضطراب التوحد لكيفية إدارة سلوكيات التحفيز من شأنه أن يساعد الشخص باضطراب التوحد على التكيف مع البيئة الاجتماعية بشكل أحسن.

المراجع

  • Mazurek, M., & Engelhardt, C. (2013). Video Game Use in Boys With Autism Spectrum Disorder, ADHD, or Typical Development. PEDIATRICS, 132(2), 260-266. https://doi.org/10.1542/peds.2012-3956.
  • Taylor, B., Hoch, H., & Weissman, M. (2005). The analysis and treatment of vocal stereotypy in a child with autism. Behavioral Interventions, 20(4), 239-253. https://doi.org/10.1002/bin.200
  • Vollmer, T., Iwata, B., Zarcone, J., Smith, R., & Mazaleski, J. (1993). The role of attention in the treatment of attention-maintained self-injurious behavior: noncontingent reinforcement and differential reinforcement of other behavior. Journal Of Applied Behavior Analysis, 26(1), 9-21. https://doi.org/10.1901/jaba.1993.26-9
  • Mazurek, M., & Engelhardt, C. (2013). Video Game Use in Boys With Autism Spectrum Disorder, ADHD, or Typical Development. PEDIATRICS, 132(2), 260-266. https://doi.org/10.1542/peds.2012-3956
  • Rehfeldt, R. A., & Chambers, M. R. (2003). Functional analysis and treatment of verbal perseverations displayed by an adult with autism. Journal of Applied Behavior Analysis, 36(2), 259-261. https://doi.org/10.1901/jaba.2003.36-259
  • Szu-Yin, C., & Baker, S. (2011). Effects of noncontingent reinforcement and response interruption and redirection on a child’s vocal stereotype maintained by automatic reinforcement. Bulletin of Special Education, 36(1), 109-127.
  • Taylor, B., Hoch, H., & Weissman, M. (2005). The analysis and treatment of vocal stereotypy in a child with autism. Behavioral Interventions, 20(4), 239-253. https://doi.org/10.1002/bin.200

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *