يمثل علم النفس المعرفي (Cognitive Psychology) حقلا بحثيا يركز على دراسة العمليات العقلية البشرية بمختلف تجلياتها، بما في ذلك الإدراك الحسي، والتعلم، والتذكر، والتفكير، والاستدلال، والفهم. اشتقاقيا، ينبع مصطلح “الإدراك” من الجذر اللاتيني “cognoscere” الذي يعني “المعرفة”. يهتم هذا الحقل العلمي بشكل أساسي بآليات اكتساب المعرفة ومعالجتها وتطبيقها لدى الأفراد.
أدى القصور المنهجي في النموذج السلوكي، خاصة في تفسير ظواهر مثل الذاكرة والتعلم المعقد، إلى ظهور ما عرف بـ”الثورة المعرفية” في منتصف خمسينيات القرن العشرين. تميزت هذه المرحلة بتطوير نظريات عقلية تعتمد على مفاهيم التمثيل الذهني والمعالجة المعلوماتية، كما ظهر في أعمال ميلر وبرودبنت وتشومسكي ونيويل. وقد توج هذا التوجه بإصدار أولريك نيسر لكتابه المؤسس “علم النفس المعرفي” عام 1967، مما أدى إلى انتشار البرامج الأكاديمية المختصة بهذا الحقل في الجامعات العالمية خلال السبعينيات.
الافتراضات الأساسية لعلم النفس المعرفي
يرتكز علم النفس المعرفي على فرضيتين رئيسيتين:
1. أنه يمكن استكشاف الإدراك البشري بشكل كامل – على الأقل من الناحية النظرية – باستخدام المنهج العلمي، مما يعني إمكانية تحليل وفهم المكونات المنفصلة للعمليات العقلية.
2. أنه يمكن تمثيل العمليات العقلية الداخلية عبر قواعد أو خوارزميات ضمن نماذج معالجة المعلومات. ومع ذلك، فقد أثارت هذه الافتراضات نقاشا واسعا في الأوساط الأكاديمية (كما في أعمال كوستال وستيل، 1987؛ دريفوس، 1979؛ سيرل، 1990).
تاريخ علم النفس المعرفي
من الناحية التاريخية، يمكن تتبع الجذور الفكرية لهذا الحقل إلى أعمال فلاسفة وعلماء مثل أرسطو (كما في مؤلفه “De Memoria”)، ثم تبلورت ملامحه الأولى في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين من خلال أبحاث علماء مثل فونت وكاتل وويليام جيمس. ومع ذلك، شهد النصف الأول من القرن العشرين تراجعا في الاهتمام بالعمليات العقلية مع صعود المدرسة السلوكية التي ركزت على دراسة العلاقات بين المثيرات والاستجابات الظاهرة، متجاهلة العمليات العقلية الداخلية.
و في ما يلي بعض المحطات التاريخية التي ساهمت في ظهور وتطور علم النفس المعرفي المعاصر.
فولفغانغ كولر (1925):
أعتبر كتاب كولر “عقلية القردة” تحديا جذريا للمنظور السلوكي السائد، حيث أظهر أن الحيوانات قادرة على إظهار سلوك ثاقب (بصيرة) لحل المشكلات، مما مهّد الطريق لتأسيس مدرسة الجشطالت في علم النفس، التي ركزت على الإدراك الكلي بدلا من التحليل التجزيئي.
نوربرت وينر وإدوارد تولمان (1948):
في العام نفسه، قدّم وينر عبر كتابه “السيبرنطيقا” مفاهيم ثورية مثل المدخلات والمخرجات، والتي أصبحت حجر الأساس لنماذج معالجة المعلومات في علم النفس المعرفي. وفي سياق متواز، أظهر تولمان من خلال تجاربه على الفئران أن الحيوانات تكوّن “خرائط معرفية” داخلية لبيئتها، مما هزّ أركان النظرة السلوكية التي تجاهلت العمليات العقلية الداخلية.
جورج ميلر (1956):
أحدثت ورقة ميلر “الرقم السحري 7 ± 2” ثورة في فهم الذاكرة قصيرة المدى، حيث اقترح أنها تستوعب ما يقارب سبع قطع من المعلومات، لتصبح هذه الفكرة أساسا لدراسات الذاكرة والإدراك.
جورج ميلر وجيروم برونر (1960):
أسس العالمان مركز الدراسات المعرفية بجامعة هارفارد، الذي مثّل نقطة تحوّل في ترسيخ علم النفس المعرفي كفرع مستقل، مع التركيز على العمليات العقلية كاللغة والذاكرة وحل المشكلات.
أولريك نيسر (1967):
وضع نيسر اللبنة الأخيرة في تأسيس المجال عبر كتابه “علم النفس المعرفي”، الذي حدّد مبادئه الأساسية كالإدراك والذاكرة والتفكير، معلنا انفصاله الرسمي عن السلوكية.
ريتشارد أتكينسون وريتشارد شيفرين (1968):
قدّما “نموذج المخازن المتعددة للذاكرة”، الذي قسّم الذاكرة إلى ثلاث مراحل: حسية، قصيرة المدى، وطويلة المدى، ليبقى أحد النماذج الأكثر تأثيرا في هذا المجال.
إليانور روش (1970):
طوّرت روش مفاهيم رائدة حول التصنيف الطبيعي والفئات، مظهرة أن البشر ينظمون المعرفة بناء على نماذج أولية (Prototypes) بدلا من التعريفات الجامدة.
ألين نيويل وهربرت سيمون (1972) وإندل تولفينج (1972):
في العام نفسه، قدم نيويل وسيمون برنامج “General Problem Solver” الذي يحاكي التفكير البشري، بينما ميّز تولفينج بين نوعي الذاكرة طويلة المدى: “الذاكرة العرضية” (الأحداث) و”الذاكرة الدلالية” (المعاني العامة).
بادلي وهيتش (1974):
طوّرا مفهوم “الذاكرة العاملة”، الذي وسّع نطاق الذاكرة قصيرة المدى ليشمل “جهازا تنفيذيا مركزيا” يدير العمليات العقلية المعقدة.
مارفن مينسكي (1975):
قدم إطار “الإطارات الذهنية” لتمثيل المعرفة في الذكاء الاصطناعي، مؤثرا في فهم كيفية تنظيم المعلومات في العقل البشري.
ديفيد روميلهارت وأندرو أورتوني (1977):
وضعا نظرية “المخططات المعرفية” التي تفسر كيف تستخدم الخبرات السابقة لتنظيم المعلومات الجديدة واسترجاعها.
عاموس تفيرسكي ودانيال كانيمان (سبعينيات–ثمانينيات القرن العشرين):
كشفا عن “الاقتصاد السلوكي” عبر دراسة التحيزات المعرفية والقواعد الإرشادية (Heuristics) التي تؤثر في صنع القرار، مثل تحيز التأكيد ومغالطة التكلفة الغارقة.
نعوم تشومسكي (1980):
أثرت نظريته عن “القواعد النحوية العالمية” و”أداة اكتساب اللغة” في فهم التطور اللغوي، مؤكدة أن البشر يولدون بقدرة فطرية على تعلّم اللغات.
ديفيد مار (1982):
قدّم نظرية حسابية للإدراك البصري، ربطت بين العمليات العصبية والتمثيلات الذهنية، مما ساهم في ولادة العلوم المعرفية الحسابية.
نماذج المعالجة الموزعة المتوازية (PDP) (ثمانينيات القرن العشرين):
مثّلت تحولا جذريا عن النماذج الرمزية، حيث اقترحت أن العمليات المعرفية تنشأ من شبكات عصبية مترابطة تحاكي عمل الدماغ.
ظهور علم الأعصاب المعرفي (تسعينيات القرن العشرين):
اندمجت تقنيات التصوير الدماغي مع العلوم المعرفية لاستكشاف الأسس البيولوجية للإدراك، مClosing the gap بين العقل والدماغ.
الاتجاهات الثلاثة الرائدة في علم النفس المعرفي:
علم النفسي المعرفي التجريبي:
ينطلق هذا الاتجاه من منظور علمي طبيعي، حيث يجرى تجارب مضبوطة لقياس جوانب الإدراك مثل الذاكرة، والانتباه، واتخاذ القرار. يعتمد على مقاييس موضوعية كـزمن الاستجابة، والاستجابات الفسيولوجية (مثل تغير معدل ضربات القلب)، وتتبع حركة العينين لرسم خريطة دقيقة للعمليات الذهنية. على سبيل المثال، تستخدم تجارب “الاستجابة التنافسية” لدراسة الانتباه الانتقائي، أو تجارب التعرف على الوجوه لاستكشاف الذاكرة البصرية.
علم النفسي المعرفي الحاسوبي:
هنا تبنى نماذج رياضية وحسابية لمحاكاة الإدراك البشري، تنقسم إلى نوعين رئيسيين:
- النماذج الرمزية: تعتمد على تمثيل المعرفة برموز ومفاهيم مجردة (مثل نموذج ACT-R الذي يحاكي عمليات التعلم والاسترجاع).
- النماذج الدون رمزية: تعتمد على أنظمة ديناميكية أو شبكات عصبية اصطناعية تقلد عمل الدماغ البشري في معالجة المعلومات بشكل مواز.
تساهم هذه النماذج في تفسير ظواهر مثل التعلّم العميق أو اتخاذ القرار في ظل عدم اليقين.
علم النفسي المعرفي العصبي:
يركز على الربط بين الوظائف الإدراكية وبنى الدماغ، من خلال:
- التقنيات التصويرية: مثل الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) لتحديد المناطق الدماغية النشطة أثناء المهام الذهنية، أو تخطيط الدماغ المغناطيسي (MEG) لرصد النشاط العصبي بدقة زمنية عالية.
- الدراسات الإكلينيكية: مثل تحليل الإعاقات الإدراكية لدى مرضى الإصابات الدماغية لفهم دور مناطق معينة في الإدراك.
على سبيل المثال، كشفت دراسات التصوير عن دور الفص الجبهي في وظائف التنفيذ، أو كيفية معالجة اللغة في منطقة بروكا.
التكامل بين المنهجيات:
لا تعمل هذه المنهجيات بمعزل عن بعضها، بل تتكامل لتقديم رؤية شمولية. فمثلا، قد تستخدم بيانات تجارب سلوكية لبناء نموذج حاسوبي، ثم تختبر تنبؤاته عبر مقارنته مع نشاط دماغي مسجل بتقنيات التصوير. كما تساهم النماذج الحاسوبية في تفسير نتائج دراسات الإصابات الدماغية، مثل محاكاة تأثير تلف الحصين على الذاكرة. هذا التكامل يعزز موثوقية النتائج ويدفع نحو نظريات أكثر عمقا.
باختصار، يشكل التزاوج بين الدقة التجريبية، والقوة التنبؤية للنماذج الحاسوبية، والرؤية العصبية الحيوية، إطارا متكاملا يدفع علم النفس المعرفي إلى آفاق جديدة، خاصة مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والهندسة العصبية، مما يعد بثورة في فهم العقل البشري.
المجالات الفرعية لعلم النفس المعرفي:
يرتبط هذا التخصص ارتباطا وثيقا بمجال العلوم الإدراكية متعددة التخصصات، حيث يتفاعل مع حقول معرفية متنوعة تشمل الذكاء الاصطناعي، وعلوم الحاسب، والفلسفة، والأنثروبولوجيا، واللغويات، وعلم الأحياء، والفيزياء، وعلم الأعصاب. ويستند علم النفس المعرفي المعاصر إلى مجموعة متطورة من المنهجيات البحثية والتقنيات التجريبية.
ويعتبر علم النفس المعرفي أحد الفروع الحيوية في علم النفس، حيث يدرس العمليات العقلية التي تحكم التفكير والإدراك والسلوك. تشمل مجالاته الفرعية التقليدية الإدراك، والانتباه، والتعلم، والذاكرة، وتكوين المفاهيم، والتفكير المنطقي، والحكم واتخاذ القرارات، وحل المشكلات، ومعالجة اللغة. ومع تطور الأبحاث، اتسعت هذه المجالات لدمج عوامل اجتماعية وثقافية، وعاطفية، ووعي، وإدراك حيواني، ومناهج تطورية، مما أضاف أبعادا جديدة لفهم العقل البشري.
الإدراك (Perception)
يدرس الإدراك كيفية تفسير الدماغ للمعلومات الحسية القادمة من البيئة لبناء تجارب ذاتية متماسكة. تشمل الأنظمة الإدراكية الحواس الخمس (البصر، السمع، اللمس، الشم، الذوق) بالإضافة إلى وحدات معالجة متخصصة تحلل جوانب مختلفة من المحفزات، مثل الشكل والحركة (Livingstone & Hubel, 1988). على سبيل المثال، يعالج النظام البصري المعلومات عبر مسارات منفصلة للتعرف على الألوان مقابل الحركة (Ungerleider & Mishkin, 1982).
تركز الأبحاث الحديثة على التكامل الحسي، مثل كيفية دمج الإشارات البصرية والسمعية لتشكيل إدراك موحد (مشاهدة فيلم مع صوت متزامن). كما تستخدم تقنيات متقدمة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) لرصد نشاط الدماغ أثناء المهام الإدراكية، وتطوير نماذج حاسوبية تحاكي المعالجة الإدراكية بناء على مبادئ فسيولوجية (Grossberg & Mingolla, 1985).
الانتباه (Attention)
يحل الانتباه إشكالية “الفيضان المعلوماتي” عبر ترشيح المعلومات الأكثر أهمية للمعالجة العميقة. يدرس عبر منظورين:
- الانتقاء: كتركيز الانتباه على محفز معين وإهمال الآخرين، كما في “تأثير الحفلة” حيث نسمع اسمنا وسط ضجيج (Cherry, 1953).
- التوزيع: كإدارة الموارد الذهنية لأداء مهام متعددة، مثل القيادة والحديث في الهاتف (Pashler, 1999).
كشفت دراسات تصوير الدماغ أن الانتباه يعزز النشاط في المناطق البصرية الأولية (Kanwisher & Wojciulik, 2000)، كما تظهر تجارب على الحيوانات كيف تتنافس الخلايا العصبية على التمثيل الحسي تحت تأثير الانتباه (Reynolds et al., 1999). تستخدم نظريات مثل اكتشاف الإشارة (Signal Detection Theory) لفهم كيفية تمييز الدماغ بين المعلومات المهمة والضجيج (Liu & Dosher, 1998).
التعلم (Learning)
يعنى التعلم باكتساب المعرفة أو المهارات عبر الخبرة. تشمل أبحاثه:
- التعلم الارتباطي: كالتكييف الكلاسيكي (بافلوف) والتكييف الإجرائي (سكنر).
- التعلم الضمني: كاكتساب المهارات الحركية دون وعي، مثل ركوب الدراجة (Roediger, 1990).
- التعلم المفاهيمي: كفهم الفروق بين المفاهيم المجردة (مثل العدالة والحرية) عبر الترميز الدلالي (Craik, 2002).
تظهر دراسات التصوير العصبي دور الفص الصدغي في التعلم العرضي (Tulving et al., 1991)، بينما يرتبط التعلم الإجرائي بالعقد القاعدية (Gabrieli et al., 1995). كما تستخدم الخوارزميات الحاسوبية لنمذجة عمليات التعلم، مثل شبكات الاتصال العصبي (Holland et al., 1986).
الذاكرة (Memory)
تدرس الذاكرة آليات تخزين المعلومات واسترجاعها، وتنقسم إلى:
- الذاكرة العاملة: مساحة عقلية مؤقتة للمعالجة (Cowan, 1995).
- الذاكرة الطويلة المدى: تشمل الذاكرة العرضية (أحداث شخصية) والإجرائية (مهارات) والدلالية (حقائق) (Squire & Zola, 1996).
كشفت دراسات المرضى (مثل حالة H.M.) دور الحصين في تكوين الذكريات الجديدة، بينما يرتبط الفص الجبهي بالاسترجاع (Gabrieli, 1998). تصمم النماذج الحاسوبية الذاكرة كشبكات عصبية تنشط عند استدعاء المعلومات (Anderson, 1996).
تكوين المفاهيم (Concept Formation)
يركز على كيفية تصنيف التجارب في فئات ذهنية (مثل “الحيوانات” أو “الأدوات”). تعتمد هذه العملية على:
- التشابه الهيكلي: كتصنيف الأشياء بناء على خصائصها الظاهرة.
- النظريات المفاهيمية: كربط المفاهيم بوظائفها أو أسبابها (Medin, 1989).
تظهر الأبحاث أن تعلم المفاهيم المعقدة (مثل “العدالة”) يعتمد على التفاعل بين القشرة المخية الجبهية والمناطق الجدارية (Ashby et al., 1998). كما تستخدم نماذج حسابية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمحاكاة تكوين المفاهيم (Barsalou, 2003).
الحكم واتخاذ القرار (Judgment & Decision-Making)
تدرس كيفية تقييم الخيارات واختيارها، مع التركيز على:
- الانحيازات المعرفية: كالميل لتجنب الخسائر أكثر من السعي للربح (Kahneman & Tversky, 1979).
- النماذج العقلانية مقابل الحدسية: تظهر الأبحاث أن القرارات البشرية غالبا ما تنحرف عن النماذج الاقتصادية الكلاسيكية (Luce & Raiffa, 1989).
تستخدم نماذج بايزية لدراسة كيفية تحديث المعتقدات مع توفر معلومات جديدة (Sanjana & Tenenbaum, 2003). كما تربط دراسات علم الأعصاب بين القرارات الخاطئة وضعف نشاط القشرة الجبهية الحجاجية (Bechara et al., 2000).
الاستدلال (Reasoning)
يشمل الاستدلال الاستنتاجي (من العام إلى الخاص) والاستقرائي (من الخاص إلى العام). تظهر الأبحاث أن البشر يميلون للاستدلال القائم على السياق بدلا من المنطق الصوري، مما يؤدي أحيانا إلى مغالطات (Johnson-Laird et al., 1992). مثلا، قد يستدل خطأ أن “كل الطيور تطير” رغم وجود طيور لا تطير (مثل النعام). تستخدم نماذج حسابية لمحاكاة عمليات الاستدلال، مثل شبكات التشابه في الاستدلال بالقياس (Holyoak & Thagard, 1995).
حل المشكلات (Problem-Solving)
يحلل كيفية انتقال الفرد من حالة المشكلة إلى الحل عبر:
- الخوارزميات: خطوات منهجية مضمونة النجاح.
- الاستدلالات الاستكشافية: حلول سريعة لكنها غير مضمونة (مثل التخمين المدروس).
يعد تمثيل المشكلة ذا أهمية قصوى؛ فمثلا، حل لغز “برج هانوي” يعتمد على تصور الحركات المستقبلية (Newell & Simon, 1972). تشارك مناطق دماغية متعددة في هذه العملية، خاصة الفص الجبهي المسؤول عن التخطيط والمرونة الذهنية.
معالجة اللغة (Language Processing)
تتضمن اكتساب اللغة وفهمها وإنتاجها، مع تركيز خاص على:
- الوصول المعجمي: كيفية استرجاع الكلمات من الذاكرة (Levelt, 1989).
- التحليل النحوي: فهم تراكيب الجمل المعقدة (Pinker, 1994).
تظهر دراسات التصوير نشاطا في منطقة بروكا (إنتاج الكلام) وفيرنيك (فهم اللغة) (Posner et al., 1988). كما تستخدم النماذج الحاسوبية لمحاكاة عمليات القراءة، مثل نموذج “التدفق المزدوج” (Dual-Route Model) (Coltheart et al., 2001).
التطورات الحديثة والتكامل بين المجالات
أدت التطورات في علم الأعصاب والتقنيات الرقمية إلى تكامل المجالات الفرعية. مثلا، تدرس “علم النفس المعرفي الثقافي” تأثير الثقافة على الإدراك والذاكرة، بينما يستكشف “العصبونات المرآتية” دور التعاطف في التعلم الاجتماعي. كما تسهم مناهج الذكاء الاصطناعي في محاكاة العمليات العقلية المعقدة، مثل الشبكات العصبية العميقة في نمذجة الإبداع البشري.
بهذا، يظل علم النفس المعرفي حقلا ديناميكيا يجمع بين التجارب السلوكية، والتحليلات العصبية، والنمذجة الحاسوبية لفك أسرار العقل البشري.
تطبيقات علم النفس المعرفي:
أنتجت أبحاث علم النفس المعرفي مجموعة واسعة من المبادئ والتمثيلات والخوارزميات. وتتراوح التطبيقات الناجحة بين أنظمة الخبراء المصممة خصيصا والبرمجيات والإلكترونيات الاستهلاكية المنتجة بكميات كبيرة:
تطوير مكونات حيوية للجهاز العصبي الإدراكي والمعرفي، مثل قوقعة الأذن وغرسات الشبكية .
تطوير واجهات حاسوبية تتعاون مع المستخدمين لتلبية احتياجاتهم من المعلومات وتعمل كأدوات ذكية،
تطوير بنية تحتية مرنة للمعلومات تعتمد على أساليب تمثيل المعرفة والاستدلال،
تطوير أدوات ذكية في القطاع المالي،
تطوير روبوتات ذكية متنقلة قادرة على أداء مهام عادة ما تكون حكرا على البشر،
المراجع:
Ashby, F. G. (2000) A stochastic version of general recognition theory. Journal of Mathematical Psychology 44: 310-329
Ashby,F. G., Alfonso-Reese, L. A., Turken, A. U., & Waldron, E. M. (1998) A neuropsychological theory of multiple systems in category learning. Psychological Review 105: 442-481.
American Psychological Association: “Behavioral and Cognitive Psychology,” “Decoding the human brain
Cognitive Science: “Categorization and Representation of Physics Problems by Experts and Novices
Dumper, K., Jenkins, W., Lacombe, A., Lovett, M., Perimutter, M. What is Cognition? Openstax Psychology