القائمة
فهم العلاج النفسي

فهم العلاج النفسي: كل ما تحتاج لمعرفته حول العلاج النفسي

ستتعرف في هذا المقال على كيفية استخدام العلاج النفسي كأداة للنمو الشخصي والتحسين الشامل للصحة النفسية والعاطفية.

شارك المقال

 

 ما هو العلاج النفسي؟

العلاج النفسي كلمة تعني رعاية النفوس أو الأنفس؛ استخدم دانيال هاك توك (Daniel Hack Tuke) مصطلح العلاج النفسي لأول مرة في عام 1872، في كتابه “الجسد والعقل”.  في بدايات أعمال فرويد وبروير لم يكن مصطلح العلاج النفسي مستعملا كما اليوم، بل كان يستعمل مصطلح التفريغ الانفعالي (يشير التفريغ الانفعالي الى كل إفراغ عاطفي/انفعالي يسمح للشخص بإخراج عواطف مرتبطة بذكرات مؤلمة أو صادمة، وبالتالي التحرر من ثقلها المرضي)، ثم التنفيس الانفعالي (استعمله فرويد، وقصد به تطهير الجهاز النفسي وتنقيته من العقد النفسية، اذا احتاج المريض الى ذلك، ولم يتمكن من التنفيس بطريقة تلقائية)؛ أول علاج نفسي فعلي كان مع التحليل النفسي.

 العلاج النفسي هو مجموع الوسائل النفسية التي تستعمل لأهداف وأغراض علاجية؛ هو طريقة تتمثل في اللجوء إلى الوسائل النفسية، مما يقصي الاعتماد على وسائل جسدية، أو كيميائية  دوائية؛ العلاج النفسي هو إطار تعاقدي يضفي الطابع الرسمي على الالتزامات المتبادلة بين المعالج النفسي ومريضه، ويحدد مكانة المعالج باعتباره شخصا محترفا-مؤهلا، ويتقاضى أجرا عن هذا النشاط. هذا الإطار ومن خلال شروط وأنماط تسيير السيرورات العلائقية العلاجية، يعطي خصوصية للعلاقة العلاجية مقارنة بالسياقات العلائقية الأخرى؛

يهدف العلاج النفسي لتخفيف المعاناة وتغيير حالة الشخص النفسية، أو على الأقل السماح له بالتطور نحو الارتياح النفسي، أو وقايته من الانتكاسة. للعلاج النفسي وسائل وتقنيات ومرجعيات نظرية متعددة.  يتم اختيار نوع العلاج النفسي، ونوع التقنية العلاجية المناسبة بالرجوع الى عدة عوامل موضوعية؛ كتحكم المعالج النفسي في التقنية، ونوعية الاضطراب، وأحيانا نزولا عند طلب المريض، وحسب المرجعية النظرية التي يتبناها المعالج.

 معظم التقنيات العلاجية النفسية تقوم على الكلمة، وتبادل الحوار بطريقة وأسلوب علميين، يرافقها أحيانا تقنيات تكميلية جسدية أو وسائل مادية؛ يتم العلاج النفسي في إطار محدد ومضبوط بشروط دقيقة: كالمكان، والزمان، والتكلفة، والعلاقة النوعية (الحلقة العلاجية)، وتراتبية تكرر الجلسات، والعقد العلاجي المعنوي والمادي؛ يوجه العلاج النفسي الى أشخاص من مختلف الأعمار، وللجنسين، وللجماعات ولأنساق المختلفة ممن يعانون نفسيا، ويقدمون أعراضا يمكن قراءتها اكلينيكيا وتشخيصها.

ما هي مستويات التدخل العلاجي النفسي؟

للتدخل في العلاج النفسي ثلاث مستويات أساسية هي:

أولا: مستوى المساعدة، الذي يميز الدعم النفسي، والمساندة المعنوية، واستقبال الانفعالات الحادة، والافراج عن المعاناة والكدر والقلق والاكتئاب في سياقه الواسع بالكلمة، والاستماع الموجه، وإعادة الصياغة المقصودة (إعادة صياغة الأقوال، والانفعالات، والمعاناة الجسدية والنفسية، والآلام، و…) في أشكال مختلفة، والتي تميّز ما يعرف بـالوضعية العلاجية.

ثانيا: مستوى الارشاد النفسي، والاستشارة التي تخص مجالات العلاقات، والتربية، والتعامل مع الازمات.

ثالثا: مستوى العلاجات النفسية النوعية، أو النظامية التي تخص اضطرابات بعينها.

 من هو المعالج النفسي؟

–   هو أخصائي نفسي عيادي، أو طبيب أمراض عقلية، تكوّن بعد حصوله على شهادة ماستر في علم النفس العيادي، أو الطب العقلي في مجال العلاج النفسي، وتحكّم في تقنياته المختلفة.

–  هو ممارس متخصص في مجال العلوم النفسية العيادية، و/أو في العلاجات النفسية، غالبا ما يكون بتكوين عال في التخصص، وخضع لعدة تكوينات نظرية، وتدريبات عملية في عدد من التقنيات العلاجية.

–  يعمل المعالج النفسي بشكل مستقل، أو كمتعاون، أو كموظف في المستشفيات، والعيادات والمدارس ومؤسسات الرعاية، ومراكز إعادة التأهيل، ومؤسسات الصحة العقلية والنفسية وغيرها من المرافق الصحية العامة والخاصة.

 ما هي مهام المعالج النفسي؟

 يقوم المعالج النفسي بالفحص والتشخيص النفسي، وتقييم القدرات الذهنية والقدرات العقلية، وتقييم الشخصية لمختلف الفئات العمرية، والعلاج النفسي، والمرافقة والتوجيه والإرشاد النفسي.

 يرافق المعالج النفسي مريضه في عملية التغيير من المعاناة النفسية نحو التوازن النفسي، وتخفيف الضيق والتوتر النفسي، أو في مواجهة المواقف والأزمات الحياتية والوجودية، والقضاء عليها.  

لماذا يجب زيارة المعالج النفسي؟

  ثبت علميا (من خلال دراسات علمية قائمة على المنهج التجريبي في عدة دول وثقافات مختلفة) أن العلاج النفسي مع معالج كفء يساعد في التغلب على عدد معتبر من الاضطرابات كالاكتئاب، واضطرابات القلق، والمخاوف بأنواعها المختلفة، واضطرابات الوسواس القهري، واضطرابات السلوك الغذائي، وعدد من اضطرابات الشخصية، والادمان السلوكي والدوائي، ومشاكل في تقدير الذات، والمشكلات النفسية الجسدية كالربو، مرض السكري، الامراض الجلدية المختلفة، والاضطرابات المجتاحة للنمو (أطياف التوحد الخمسة)، الاضطرابات النمائية (فرط النشاط وتشتت الانتباه، التأخر والتخلف الذهني، اضطرابات اللغة وتأخر ظهورها…)، اضطرابات السلوك (العنف، الكذب، السرقة، العناد والتمرد…) أعراض ما بعد الصدمة.

–    يجب زيارة المعالج النفسي عندما تصبح المشكلة أو الصعوبة، أو الأزمة مستمرة، أو غير محتملة، أو تشل وتعطل الحياة الاجتماعية، و/أو المهنية، أو العلاقات العاطفية، أو تخلق إحساسا مستمرا بالضيق الداخلي والإحباط وعدم الرضا عن الذات.

–  اذا أحسست بعدم النضج النفسي، والعجز والانهيار أمام المشكلات الحياتية، أو أحسست بالضغط النفسي، أو داخل الأسرة أو في العمل وجب التقدم للفحص النفسي.

­ كيف تسير جلسة العلاج النفسي

 تسيّر جلسات العلاج النفسي حسب الهدف؛ فلكل جلسة هدف أو أكثر يتم تسطيره من قبل المعالج؛ فنجد جلسات لتشخيص الاضطراب أو الصعوبة الحالية للمريض، تتبع بتحليل الطلب الذي يقدمه المريض، وإعطاء قراءة للرسالة المنطوقة والرسالة الضمنية التي يحملها الطلب، وأخيرا جلسات للعلاج النفسي المحض.

  • إن تسيير جلسات العلاج النفسي يحتاج الى معالج كفء، وبرنامج علاجي واضح، وخطة علاجية مضبوطة لتحقيق أهداف بعينها.
  • على المعالج النفسي أن يستقبل الرسالة اللاشعورية التي يرغب المفحوص في ايصالها للمعالج، وهي مرحلة ضرورية لتقوية العلاقة التي يتم نسجها في هذا السياق العلاجي؛
  • على المعالج اتقان فن الاستماع للتمكن من سماع رسالة المفحوص؛ لان ادراك المفحوص لمستوى فهم المعالج لحالته ومعاناته هو ما سيقوي العلاقة العلاجية ويؤسس لها بشكل صحيح.
  • يدخل المعالج في علاقة مع المريض بدلاً من علاجه. ويتم التركيز على إدراك والتعرف على الصعوبات التي يواجهها الشخص، ونقاط قوته.
  • يصعب جدا مساعدة شخص أو التكفل النفسي به ان كان لا يطلب شيئا ولا يريد مساعدة نفسه، لذا وفي حالة غياب الطلب اللفظي للعلاج. وعليه أولى خطوات العلاج النفسي هي محاولة إيصال المتعالج الى ادراك ذلك وتقبله، ثم تقديم وصياغة طلب حقيقي وواضح (لا يختفي وراء مشكلات جسدية أو اجتماعية أو مهنية جانبية) للفحص والعلاج النفسي.
  • تقدم جلسة العلاج النفسي اطارا حاويا يرافق المريض؛ حاويا للانفعالات الحادة والمتناقضة، وللعاطفة غير المستقرة والمتمردة أحيانا، وللكلمة التي تترجم أحاسيس مختلطة وغير واضحة.
  • تفرض جلسة العلاج النفسي والمعالج النفسي على المريض الاطار اللفظي للكلمة، وتضمن له سرية ما يقول خلال الجلسات، لذا يشجع المعالج مريضه على السرد والتعبير غير المقيد وغير المشروط؛
  • أولوية العلاج النفسي هو التأسيس لعلاقة علاجية صحيحة داخل الجلسة وخارجها بين الجلسات، من شأنها مساعدة المريض على مواجهة الواقع والعالم بأريحية، وبعيدا عن اعتبارات وضغوطات غير صحيحة وغير سوية؛
  •  تشجع جلسات العلاج النفسي والمعالج اكتشاف الذات، وتجريب الحياة بطرق جديدة غير تلك التي يعرفها المريض؛
  • تتميز الجلسة العلاجية بالقرب على مستوى الكلمة والفهم بين المعالج والمريض، وبالبعد على المستوى الجسدي.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *