قد يكون تشخيص اضطراب طيف التوحد صعبًا نظرًا لعدم وجود اختبار طبي، مثل فحص الدم، لتشخيص الاضطراب. وينظر المختصين إلى سلوك الطفل وتطوره لإجراء التشخيص، ويمكن أحيانًا اكتشاف اضطراب طيف التوحد في عمر 18 شهرًا أو أقل، ويمكن اعتبار التشخيص من قبل أخصائي متمرس أمرًا موثوقًا به. ومع ذلك لا يتلقى العديد من الأطفال تشخيصًا نهائيًا حتى يكبروا كثيرًا، ولا يتم تشخيص بعض الأشخاص حتى يصبحوا مراهقين أو بالغين. هذا التأخير يعني أن الأشخاص المصابين بالتوحد قد لا يحصلون على المساعدة المبكرة التي يحتاجونها.
يتم تشخيص اضطراب التوحد اذن من خلال تقييم سلوك الطفل وتطوره، وتجدر الإشارة الى أنه من المهم السعي للحصول على تقييم في أسرع وقت ممكن، فكلما تم تشخيص اضطراب التوحد في وقت مبكر، كلما بدأ التكفل بالحالة بشكل أسرع، واحتمالات التغلب على الاضطراب تكون أكبر.
تشخيص اضطراب التوحد وفقا لـ (DSM-5)
لكي يتم تشخيص الطفل بالتوحد، يجب أن يعاني من مشاكل مستمرة في المجالات التالية للتواصل الاجتماعي والتفاعل.
- وجود تفاعلات اجتماعية غير طبيعية ومستمرة.
- صعوبة في فهم التواصل غير اللفظي أو التواصل مع الإشارات غير اللفظية.
- صعوبة الحفاظ على العلاقات مع الناس وتطويرها .
يتطلب DSM-5 أيضًا أن يظهر الطفل على الأقل نوعين من الأنواع المقيدة والمتكررة التالية من السلوكيات التي عادة ما يمتلكها المصابون بالتوحد.
- أن يكون الطفل شديد الحساسية، أو غير حساس للمثيرات الحسية كالأصوات أو الروائح أو الأذواق.
- التمسك بالروتين الصارم والانزعاج من أدنى اضطراب في الروتين.
- التركيز على اهتمامات خاصة بكثافة وبشكل غير طبيعي .
- الانخراط في حركات متكررة أو الكلام.
عادة ما تكون هذه الأعراض موجودة في سن مبكرة وتؤثر بشكل كبير على الأداء اليومي، ويجب أيضًا استبعاد اضطراب النمو العقلي من أجل إجراء تشخيص قاطع ودقيق.
أثناء التقييم، سيتم سؤال الوالدين عن تاريخ نمو الطفل، وسيتم سؤالهم أيضًا عن كيفية لعب الطفل وتفاعله مع الآخرين.
مراحل تشخيص اضطراب التوحد.
يمر التشخيص عند الطفل الصغير الأقل من ثلاث سنوات بمرحلتين أساسيتين هما
المرحلة الأولى: فحص النمو العام خلال الفحوصات الدورية من قبل طبيب الأطفال، في مرحلة الطفولة المبكرة (9 – 18 – 24 – 30 شهرًا)، مع فحوصات محددة لتأخر النمو، أو للاضطرابات المجتاحة للنمو. ويخضع الطفل لفحص إضافي إذا ظهرت احتمالية الإصابة باضطراب التوحد، أو مشاكل في النمو.
إذا ظهرت أعراض أو مؤشرات لاحتمالية الإصابة باضطراب طيف التوحد، فان طبيب الأطفال هو المخول الأول بطلب فحوصات، أو رأي مختصين آخرين كالأخصائي النفسي العيادي، والمختص الأرطفوني، وطبيب الأمراض العقلية أحيانا.
المرحلة الثانية: هي مرحلة التقييم التشخيصي الإضافي. من المهم في هذه المرحلة اكتشاف وتشخيص الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد بدقة في أقرب وقت ممكن. ويمكن أن يساعد الاكتشاف المبكر أيضًا في تحديد الخدمات والبرامج التعليمية، والعلاجات السلوكية التي من المرجح أن تكون مفيدة للطفل. ويشمل التقييم التشخيصي على ما يلي.
- الفحوصات الطبية والعصبية.
- تقييم قدرات الطفل المعرفية.
- تقييم قدرات الطفل اللغوية.
- مراقبة سلوك الطفل بالملاحظة المباشرة خلال فترة زمنية معينة، في وضعيات مختلفة، كاللعب، الاستجابة للأوامر، التفاعل وغيرها.
- مقابلة مع الأولياء، حول سلوك الطفل وتطوره.
- تقييم المهارات المناسبة للعمر اللازمة لإكمال الأنشطة اليومية بشكل مستقل، مثل الأكل وارتداء الملابس واستخدام المرحاض.
- نظرًا لأن التوحد هو اضطراب معقد يرافقه عادة اضطرابات أخرى نمائية، أو عصبية، أو اضطرابات التعلم، فقد يشمل التقييم الشامل تحاليل الدم، واختبار السمع.
عند الأطفال الأكبر سنا غالبًا ما يشخص مقدمو الرعاية (أخصائيين نفسانيين، أرطفونيين، أطباء عقليين)، والمعلمون أول من يتعرف على أعراض اضطراب التوحد لدى الأطفال الأكبر سنًا والمراهقين الذين يذهبون إلى المدرسة. قد يقوم فريق التعليم الخاص بالمدرسة بإجراء تقييم أولي ثم يوصي بأن يخضع الطفل لتقييم إضافي.
من هم المختصون المؤهلون لفحص الطفل وتشخيص اضطراب طيف التوحد؟
- أطباء الأطفال، لا سياما الذين تلقوا تكوينا مفصلا في النمو العادي للطفل والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
- أطباء أعصاب الأطفال: الأطباء الذين يعملون على الدماغ والعمود الفقري والأعصاب.
- علماء نفس الأطفال أو الأطباء النفسيين المتمرسين مع الأطفال.
من أجل التشخيص الدقيق للاضطرابات المجتاحة للنمو نحتاج الى فحص وتتبع ما يلي.
مراقبة النمو:
هي عملية نشطة ومستمرة لمراقبة نمو الطفل وتشجيع المحادثات بين الآباء ومقدمي الرعاية الصحية حول مهارات الطفل وقدراته. وتتضمن مراقبة النمو مراقبة كيفية نمو طفلك وما إذا كان طفلك يفي بمراحل النمو النموذجية، أو المهارات التي يصل إليها معظم الأطفال في سن معينة، في اللعب والتعلم والتحدث والتصرف والتحرك. كما يمكن للوالدين والأجداد ومقدمي التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة ومقدمي الرعاية المشاركة في مراقبة النمو.
يمكن للأبوين أيضا استخدام قائمة مرجعية للمعالم(الأعراض والمؤشرات الخاصة باضطراب طيف التوحد) لتقييم تطور الطفل. إذا لاحظا أن الطفل لا يفي بالمعالم، فعليهما التحدث مع الطبيب حول مخاوف إصابة الطفل باضطراب طيف التوحد، وطلب اجراء فحص النمو.
فحص النمو:
يلقي فحص النمو نظرة دقيقة على كيفية تطور الطفل. ويعتبر فحص النمو أكثر رسمية من المراقبة التنموية، إنه جزء منتظم من بعض زيارات طبيب الأطفال حتى لو لم يكن هناك قلق معروف. ويوصي المختصين بإجراء فحص تنموي وسلوكي لجميع الأطفال خلال زيارات رعاية الأطفال المنتظمة في الأعمار 9 أشهر، 18 شهرا، 24 شهرا، 30 شهرا.
تستند استبيانات الفحص وقوائم المراجعة إلى الأبحاث التي تقارن الطفل بالأقران من نفس العمر. قد يتم طرح مجموعة من الأسئلة حول مهارات اللغة والحركة والتفكير، بالإضافة إلى السلوكيات والعواطف، و يمكن إجراء الفحص التنموي بواسطة طبيب متخصص. يجب إجراء الفحص في أوقات غير الأعمار الموصى بها إذا كان لديك أو لدى طبيبك قلق، ويجب أيضًا إجراء فحص إضافي إذا كان الطفل معرضًا لخطر كبير للإصابة باضطراب طيف التوحد (على سبيل المثال، وجود شقيق أو فرد آخر من العائلة مصاب بالتوحد)، أو في حالة وجود سلوكيات نموذجية مرتبطة أحيانًا بالتوحد.
تشخيص النمو:
لا يوفر الاختبار المختصر باستخدام أداة الفحص تشخيصًا، ولكن يمكن أن يشير إلى ما إذا كان الطفل يسير على مسار التطور الصحيح أو إذا كان يجب على أخصائي إلقاء نظرة فاحصة أكثر دقة. إذا حددت أداة الفحص مجالًا مثيرًا للقلق، فقد تكون هناك حاجة إلى تقييم النمو الرسمي. هذا التقييم الرسمي هو نظرة أكثر تعمقًا على نمو الطفل، وعادة ما يتم إجراؤه بواسطة أخصائي مدرب كطبيب الأطفال المختص في النمو، أو أخصائي نفساني متمرس مع الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة الى أخصائي أمراض النطق واللغة.
يقوم الأخصائي بملاحظة الطفل على مدار عدة جلسات، وقد يعطيه اختبارًا منظمًا كاختبار الكارس على سبيل المثال، ويطرح أسئلة على الوالدين. تسلط نتائج هذا التقييم الرسمي الضوء على نقاط القوة والتحديات لدى الطفل ويمكن أن توضح ما إذا كانت تستوفي معايير تشخيص النمو.
يشتمل تشخيص اضطراب طيف التوحد اليوم على العديد من الحالات التي كان يتم تشخيصها بشكل منفصل ودقيق؛ كاضطراب التوحد، واضطراب النمو المنتشر غير المحدد بطريقة أخرى، ومتلازمة الأسبرجر وغيرها. ويمكن للأخصائي المساعدة في شرح وفهم عملية التشخيص الدقيق وكيفية اجراءها.
كما يمكن لنتائج تقييم النمو أن توضح ما إذا كان الطفل بحاجة إلى خدمات التدخل المبكر. وفي بعض الحالات، قد يوصي الأخصائي باستشارة أو/وفحص جيني أو عصبي.
التشخيص المبكر يتطلب شراكة بين الآباء والمختصين.
ضمن هذه الشراكة، يجب أن تشعر كأب أو أم، بالراحة في طرح أي مخاوف لديك بشأن سلوك طفلك أو تطوره، والطريقة التي يلعب بها ويتعلم ويتحدث ويتصرف بها. ويتمثل دور طبيب الأطفال الخاص بطفلك أو النفساني العيادي في هذه الشراكة في الاستماع والتقليل من مخاوفك وطمأنتك وتوجيهك.
في ماذا يفيد الفحص والتشخيص المبكر للطفل؟
إذا كان طفلك مصابًا بالتوحد، فإن التشخيص المبكر يكون أفضل بل وضروري؛ لأنه يمكن لطفلك بعد التشخيص البدء في تلقي المساعدة التي يحتاجها. تحدث مع طبيبك إذا شعرت أن طفلك بحاجة إلى الفحص (بغض النظر عن عمره) وشاركه مخاوفك، فأنت تعرف أن طفلك مختلف.
من الصعب معرفة أو الجزم بأن الطفل يعاني من إعاقة في النمو مدى الحياة، لكن ضع في اعتبارك أيها الأب وأيتها الأم خلال هذه الأوقات الصعبة (أوقات التشخيص) أن معظم الأطفال المصابين بالتوحد سيحققون تقدمًا كبيرًا في عدة جوانب اذا ما كان التدخل مبكرا ومناسبا لقدرات الطفل. كما بينت العديد من الحالات أن بعض الأطفال المصابين بالتوحد يقدمون أداءً جيدًا بشكل استثنائي، وقد يظلون في فصل دراسي تعليمي عادي من دون مشكل تذكر، أو بمشاكل تعلم بسيطة. وسيكون للكثير منهم علاقات ذات مغزى مع الأسرة والأقران، ويحققون مستوى جيداً من الاستقلالية كراشدين مستقبلا.
من المهم أن تتذكر أنه في حين أن تشخيص التوحد قد يغير ما كنت تعتقد أنه سيكون تجربة الأبوة والأمومة، فإننا نعلم الآن أن الأطفال المصابين بالتوحد يمكنهم تحقيق الكثير في الحياة طالما يتم منحهم الدعم والفرص المناسبة.
قد يعاني الأطفال المصابون بالتوحد من مشاكل طبية أخرى قد تحتاج إلى مزيد من التقييم والعلاج، كنوبات، كنوبات الصرع، ومشاكل النوم، ومشاكل الجهاز الهضمي (مشاكل التغذية، آلام البطن، والإمساك، أو الإسهال، والمشاكل الصحية السلوكية مثل القلق، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والتهيج، والعدوانية، أو متلازمة بيكا وغيرها من المشاكل التي تستدعي تدخلا مناسبا.
الاختبارات والمقاييس المستعملة في تشخيص اضطراب التوحد.
على الرغم من عدم وجود اختبارات جسدية للمساعدة في تشخيص اضطراب طيف التوحد، يمكن استخدام العديد من الاختبارات والمقاييس التنموية لتشخيص الحالة بالاعتماد على (DSM -5)، الذي يعتبر الدليل القياسي الذي يستخدمه المختصين لتشخيص الحالات السلوكية والعقلية والنفسية. كما تم تطوير اختبارات أخرى لملء الفجوات في تشخيص اضطراب التوحد، من أهمها.
فحص النمو
وفقًا للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP)، يجب فحص جميع الأطفال من أجل اضطراب طيف التوحد أثناء زياراتهم المنتظمة للطبيب في عمر 18 شهرًا وعامين. وإذا تم اعتبار الطفل أكثر عرضة للإصابة باضطراب طيف التوحد ، فقد يقوم الطبيب بإجراء هذه الفحوصات بشكل أكثر انتظامًا.
الأطفال الذين لديهم تاريخ مرضي أسري، أو لوالديهم أو أشقاؤهم هم أكثر عرضة للإصابة بهذه الاضطراب. سيتضمن فحص النمو عادةً سلسلة من الاستبيانات حول نمو الطفل ، وإذا حدد الفحص العلامات والأعراض التي تشير إلى اضطراب طيف التوحد، فقد تكون هناك حاجة إلى مزيد من التقييم لإجراء تشخيص واضح.
سيتضمن التقييم الإضافي التحدث إلى طبيب متخصص في نمو الطفل أو الطبيب أو المعالج النفسي للأطفال. غالبًا ما يرافق اضطراب التوحد أمراض أو اضطرابات أخرى؛ مما يستدعي أيضًا فحص الدم واختبار السمع.
المقابلة التشخيصية للاضطرابات الاجتماعية والتواصلية (DISCO)
(DISCO) هو اختبار في شكل مقابلة، يستخدم للاستعلام عن السلوكيات النمائية للفرد من خلال أدائه اليومي. يمكن للمختصين استخدام (DISCO) لتشخيص اضطراب طيف التوحد عند الأطفال والبالغين.
يعتبر (DISCO) أداة تشخيصية مفيدة للأفراد الذين لا يستطيعون تقديم تاريخ مفصل للسلوكيات النمائية المصنفة تحت اضطرابات طيف التوحد، والتي تحتاج الى اختبارات كالفحص باستخدام (DSM-5). ومع ذلك، يجب استخدام (DISCO) جنبًا إلى جنب مع التقييمات الموحدة كما هو الحال في (DSM-5).
مراجعة تشخيص التوحد (ADI-R)
يستخدم (ADI-R) في تشخيص اضطرابات طيف التوحد عند البالغين والأطفال، يركز على جودة الاتصال والتفاعل الاجتماعي والسلوكيات المقيدة والمتكررة عند محاولة إجراء التشخيص.
جدول مراقبة تشخيص التوحد (ADOS)
(ADOS)هو أداة تُستخدم لتقييم التفاعلات الاجتماعية والاتصالات لدى الأشخاص المصابين بالتوحد، أو قد يكونون معرضين لخطر الإصابة بالحالة. يمكن استخدام (ADOS) لتشخيص الحالة لدى كل من الأطفال والبالغين. إنها أيضًا أداة رائعة للأشخاص في أي مستوى من مستويات التوحد (الحاد، المتوسط، الخفيف)، سيستفيد الأشخاص المصابون باضطراب طيف التوحد الشديد والذين قد لا يتواصلون شفهيًا على الإطلاق من أنظمة تقييم (ADOS).