تقنية العلاج بالمخطط

تركز تقنية العلاج بالمخطط على التعامل مع معتقدات الشخص عن ذاته ومحيطه. تظهر أنماط مرضية معينة في مرحلة البلوغ لدى المرضى على شكل “حقائق عاطفية” كاذبة لا تتزعزع اما عن الذات أو عن الآخرين، حتى لو تناقض العديد من حقائق السيرة الذاتية مع معتقداتهم. الصلابة الكامنة في المخططات المعرفية تسمح بالحفاظ على التماسك المعرفي، أي رؤية ثابتة للذات وللعالم، وأحيانا على حساب رؤية أكثر موضوعية للواقع أو أداء أفضل. الصلابة الكامنة في المخططات المعرفية تسمح بالحفاظ على التماسك المعرفي، أي رؤية ثابتة للذات وللعالم، وأحيانًا على حساب رؤية أكثر موضوعية للواقع أو أداء أفضل.

تقنية العلاج بالمخطط

تعريف العلاج بالمخطط:

العلاج النفسي بالمخططات المعرفية مستوحى من الفكرة النظرية للمخطط كما هو مستخدم في مجال علم نفس التطور المعرفي. عرّف آرون بيك المخطط المعرفي بأنه يشير إلى المعرفة أو المعتقدات الأساسية التي تشكل الفهم الذي يمتلكه الشخص لنفسه وللعالم والآخرين. تساعد تجارب الحياة وخاصة التجارب المبكرة في تشكيل وتكوين المخططات المعرفية.

المخططات المعرفية هي  اذن نمط من الأفكار المفروضة على الشخص من الدماغ، لتصنيف المعلومات من جميع الأنواع بسرعة كبيرة، والسماح لنا بشرح تصوراتنا لتوجيه الاستجابات لبيئتنا، ولإيجاد حل للمشاكل بشكل فعّال.

المخططات المعرفية هي الهياكل الأساسية الكبرى للتنظيم المعرفي للفرد. هي إدراكات أساسية مستقرة نسبيا، نادرا ما يتم التعبير عنها بشكل مباشر. يتم تطبيق المخططات المعرفية تلقائيًا، وتبدأ في التكون مبكرًا جدًا عند الأطفال وتستمر في تشكيلها مع تجارب الحياة اللاحقة. هي عميقة وليس من السهل دائمًا تحديثها. تقوم بفرز وفلترة وتحليل المعلومة بشكل متكرر وروتيني، هي لاشعورية ونادرا ما يتم التعبير عنها (مسلمات صامتة).

تقودنا المخططات المعرفية إلى تمثيل جزئي ومبسط للعالم. تميل هذه المخططات الى توجيهنا بشكل منهجي نحو الأحكام والسلوكيات النمطية، كما يمكن للمخططات المعرفية أن تشلنا أيضا؛ لأنها تشوه الواقع، وتجعل الشخص يتصرف كمسلوب الإرادة أمام هذه التشوهات المعرفية، ولا تتيح لنا فرصة الخيارات. بالنسبة للأشخاص المصابين بالاكتئاب مثلا، يمكن أن يؤدي ذلك إلى رؤية سلبية حقيقية للعالم، والتصرف على أساسها.

تظهر أنماط مرضية معينة في مرحلة البلوغ لدى المرضى على شكل “حقائق عاطفية” كاذبة لا تتزعزع اما عن الذات أو عن الآخرين، حتى لو تناقض العديد من حقائق السيرة الذاتية مع معتقداتهم.

الصلابة الكامنة في المخططات المعرفية تسمح بالحفاظ على التماسك المعرفي، أي رؤية ثابتة للذات وللعالم، وأحيانًا على حساب رؤية أكثر موضوعية للواقع أو أداء أفضل.

أصل العلاج بالمخططات المعرفية:

بدأ الطبيب النفسي آرون تي بيك في ثمانينيات القرن العشرين بالإشارة إلى مفاهيم المخططات المعرفية في أعماله النظرية حول العلاج المعرفي السلوكي. وبعد بضع سنوات، رأى (Jeffrey Young)  جيفري يونغ (1990) قيود نموذج العلاج المعرفي السلوكي في ممارسته الخاصة، وقرر إنشاء نهج العلاج بالمخططات المعرفية. للقيام بذلك، قام بدمج العلاج السلوكي المعرفي الكلاسيكي الذي كان يتقنه مع نظريات الارتباط والعلاقات بالموضوع، والتحليل النفسي وتقنيات التدخل التجريبي المستمدة من المنهج الجشطالتي.

أنواع المخططات المعرفية غير المتكيّفة:

المخططات المعرفية باعتبارها أنماط غير متكيفة وتمثيلات المعرفة المختلفة المكتسبة في وقت مبكر من الحياة، تنتج عن الاحتياجات العاطفية الأساسية غير المشبعة في الطفولة، وسواء كانت هذه الاحتياجات ترضي الأشكال التي نحن عليها في الحياة اللاحقة أم لا.

وفقا ليونغ وزملائه ، لدى كل شخص خمس احتياجات عاطفية أساسية، يؤدي اشباعها الى الحصول على صحة نفسية جيدة. هذه الاحتياجات العاطفية هي:

  • المرفقات الآمنة (بما في ذلك الشعور بالأمان والاستقرار والقبول والرعاية)
  • الشعور بالاستقلالية والكفاءة والهوية (مخططات التبعية والاستقلالية)
  • الشعور بالحرية في التعبير عن الاحتياجات والعواطف (مخططات المودة والاهتمام)
  • القدرة على اللعب والتصرف بشكل عفوي (مخططات الشعور بالنقص)
  • وضع حدود واقعية وقادرة على ضبط النفس.

تحدد بيئة الطفل ما إذا كانت احتياجاته قد تم تلبيتها أو إحباطها وإنشاء مخططاته الأكثر ثباتًا.

كيف تتكون المخططات المعرفية؟

يقترح جيفري يونغ أربع أنواع من التجارب التي تؤدي إلى اكتساب المخططات (الإيجابية والسلبية) خلال الحياة المبكرة:

  • الإحباط السام للاحتياجات: اذا كان الطفل يتلقى القليل مما يحتاج إليه، مثل التفهم والاستقرار والحب والأمان والثقة، فنتيجة لذلك يكوّن مخطط الحرمان العاطفي أو الهجر.
  • الإيذاء : اذا تعرض الطفل لسوء المعاملة أو الأذى (لنفسي والجسدي)، سيتبنى مخططات مبنية على مفاهيم العيب/العار أو التعرض للضرر(تقبل التعرض للأذى أو الخوف من التعرض للأذى) .
  • الكثير من الأشياء الجيّدة: تدليل الطفل، يؤدي إلى احساسه بالاستحقاق، العظمة أو التبعية، وعدم الكفاءة ، قد يتم حماية الطفل بشكل مفرط أو منحه الكثير من الحرية والاستقلالية ، في كلتا الحالتين ، فإن غياب الحدود الواقعية غير مفيد. ويكون مخططات مشوهة مقترنة بهذه المفاهيم.
  • الاستيعاب الانتقائي أو التعرف على الآخرين المهمين: يمكن للطفل استيعاب كيفية معاملة الاخرين، واكتساب آليات التأقلم الإيجابية والسلبية، قد يتعامل الطفل مع العدوانية أو الرعاية اعتمادا على أسلوب تعامل والديهم.

ميزات وأهداف العلاج بالمخطط:

يصف رافائيلي وبرنشتاين ويونغ (2011) وجاكوب وأرنتس (2013) بعض ميزات العلاج بالمخطط فيما يلي:

  • يركز العلاج بالمخطط على تطور الأعراض الحالية، أكثر مما يفعل العلاج السلوكي المعرفي الكلاسيكي.
  • للعلاقة العلاجية بين المعالج والمريض دور كبير في العلاج، ولها أثر تصحيحي.
  • يهدف العلاج بالمخطط إلى مساعدة المرضى على فهم احتياجاتهم العاطفية الأساسية وتعلم طرق تلبية تلك الاحتياجات بشكل سوي ومتكيف.
  • يركز العلاج بالمخطط على الذكريات وتجارب الطفولة الضاغطة، والعمل على تغيير المشاعر السلبية المرافقة لهذه الذكريات.

أهداف العلاج بالمخطط:

– الهدف الرئيسي للعلاج بالمخطط هو زيادة الوعي النفسي للفرد. يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال العمل مع المريض للتعرف على مخططاته، وإدراك ذكريات الطفولة والعواطف والأحاسيس الجسدية وإدراك أنماط التأقلم المرتبطة بها.

– مساعدة المريض على اكتساب السيطرة الواعية على استجاباته للمحفزات الموجودة في بيئته من خلال تعلم إتقان المخططات.

– يستهدف هذا العلاج الأنماط النفسية غير القادرة على التكيف والتي تكونت أثناء الطفولة من خلال زيادة التركيز على تجارب الطفولة غير السارة، واستخدام التقنيات التجريبية مثل الصور وكرسي الحوارات (المحادثات مع شخص يتصوره، وفي بعض الأحيان مع نفسه)، وإعادة صياغة نماذج التربية الأبوية، لتقريب ما كان مفقودًا في الطفولة.

– يهدف العلاج بالمخطط إلى شفاء المخططات غير القادرة على التكيّف وإزالة القوة الادراكية والانفعالية المؤلمة من الذكريات المرتبطة بها، والأحاسيس الجسدية الناجمة عنها.

استعمالات تقنية العلاج بالمخطط:

أكدت الأبحاث أن نظرية المخطط تعمل كعلاج فعال لما يلي:

  • يساعد العلاج بالمخطط المرضى الذين يعانون من مشاكل نفسية لم تستجب بشكل جيّد للعلاج المعرفي السلوكي الكلاسيكي.
  • يوجه العلاج بالمخطط لبنية الشخصية. وهو فعال عندما تؤدي العناصر الخاصة بشخصية الفرد إلى معاناة أو صعوبات في الأداء.
  • يستعمل العلاج بالمخطط لعلاج المشكلات المعقدة مثل اضطرابات الشخصية من المجموعة الثانية والثالثة (B-C).
  • أثبت العلاج بالمخطط أيضا قيمته للمرضى في كيفية إدراكهم للعالم والطريقة التي يتصرفون بها، والذين يتبنون أنماطًا دائمة قائمة على التعلق، تعيق فعالية الأساليب العلاجية الأخرى.
  • أثبت فعاليته أيضا في علاج اضطراب الشخصية الحدية.
  • اضطرابات القلق المزمنة والمعقدة، القلق المعمم، القلق الاجتماعي ونوبات الهلع.
  • اضطرابات السلوك الغذائي والأكل المتوسط والخفيف بدون تعقيدات صحية.
  • الإدمان بنوعيه الدوائي والسلوكي .
  • غالبا ما تتطلب بعض الأمراض النفسية الأكثر تعقيدا والمقاومة للعلاج النفسي استثمارًا أطول في العلاج النفسي يتناسب جيدا مع فلسفة النهج القائم على المخطط.
  • في الاكتئاب المزمن أو الانتكاسية واضطرابات المزاج.

موانع استعمال تقنية العلاج بالمخطط:

يُمنع استعمال تقنية العلاج بالمخطط في الحالات السريرية حيث توجد حالة نفسية حادة و/أو شديدة بما في ذلك:

  • أعراض ذهانية نشيطة تجتاح البنية النفسية.
  • اكتئاب حاد وشديد.
  • اضطراب حاد للسلوك الغذائي بمضاعفات جسدية وعضوية شديدة يستدعي الاستشفاء.
  • نوبات نفسية اجتماعية غير مصنّفة.
  • اضطراب شخصية بنوبات خطيرة متكررة أو خطر الانتحار.
  • إشكالية ادمان في واجهة المشهد النفسي.
  • تأخر أو تخلف ذهني متوسط أو حاد.

مراجع:

Arntz, A., & Jacob, G. (2013). Schema therapy in practice: An introductory guide to the schema mode approach. John Wiley & Sons.

Jacob, G. A., & Arntz, A. (2013). Schema therapy for personality disorders—A review. International Journal of Cognitive Therapy, 6(2), 171–185.

Kopf-Beck, J., Zimmermann, P., Egli, S., Rein, M., Kappelmann, N., Fietz, J., … Keck, M. E. (2020). Schema therapy versus cognitive behavioral therapy versus individual supportive therapy for depression in an inpatient and day clinic setting: Study protocol of the OPTIMA-RCT. BMC Psychiatry, 20(1), 506.

Prasko, J., Diveky, T., Kamaradova, D., Sandoval, A., Jelenova, D., Vrbova, K., … Vyskocilova, J. (2012). P-1165 – Therapeutic letters – changing the emotional schemas using writing letters to significant caregivers. European Psychiatry, 27, 1.

Young, J. E., Klosko, J. S., & Weishaar, M. E. (2007). Schema therapy: A practitioner’s guide. Guilford Press.

 

اترك تعليقاً