الذات وتقدير الذات: رحلة الاستكشاف والتقييم

تقدير الذات

تمثل الذات وتقدير الذات حجر الزاوية في بنية الشخصية الإنسانية، وتؤثر تأثيرا عميقا في كل جوانب حياة الفرد، من تفاعلاته الاجتماعية وأدائه الأكاديمي والمهني، إلى صحته النفسية وعافيته العامة. فهم طبيعة الذات وكيفية تقييم الفرد لذاته ليس مجرد تمرين فكري، بل هو رحلة استكشافية معقدة تتطلب أدوات دقيقة ومنهجيات علمية.

يهدف هذا المقال إلى الغوص في أعماق مفهوم الذات وتقدير الذات، مستعرضا الأهمية البالغة لتقدير الذات الصحي، ومتناولا بالتحليل والتفصيل أحد الأدوات المهمة في هذا المجال، وهو “مقياس تقدير الذات” (Self-Esteem Rating Scale)  الذي طوره الدكتور ويليام آر. نوغنت وزميله جي. دبليو. توماس.

سنسلط الضوء على بنية المقياس، وآلية تطبيقه وتصحيحه، وكيفية تفسير نتائجه، مع مناقشة نقاط قوته ومحدودياته في سياق البحث العلمي والتطبيق العملي. إن تقدير الذات ليس مفهوما أحاديا أو ثابتا، بل هو حالة ديناميكية تتشكل وتتطور عبر تفاعل معقد بين الخصائص الفطرية للفعل والخبرات المكتسبة والبيئة المحيطة به، مما يجعل دراسته موضوعا غنيا ومستمرا في علم النفس.

فهم الذات:

مفهوم الذات (Self-Concept) هو أحد أكثر المفاهيم أساسية وتعقيدا في علم النفس. إذ يمثل الإجابة عن السؤال الجوهري “من أنا؟” وهو ليس كيانا ثابتا أو مجرد مجموعة من الصفات. بل هو بنية ديناميكية ومعقدة تتكون من منظومة متكاملة من المعتقدات والإدراكات والمشاعر والأفكار التي يمتلكها الفرد عن نفسه. هذه البنية تتشكل وتتطور بشكل مستمر عبر العمر، متأثرة بتفاعل معقد بين العوامل البيولوجية، والخبرات الشخصية، والعلاقات الاجتماعية، والثقافة التي ينتمي إليها الفرد.

يمكن النظر إلى مفهوم الذات كخريطة عقلية يرسمها الفرد لكيانه. تحدد له هويته، وتوجه سلوكياته، وتؤثر على طريقة تفاعله مع العالم من حوله. لا يقتصر مفهوم الذات على الجوانب الظاهرة فقط، بل يمتد ليشمل الدوافع الداخلية، والقيم، والأهداف، والقدرات الكامنة. وهو ليس مفهوما أحادي البعد، بل يتكون من عدة أبعاد ومكونات متفاعلة. كل منها يساهم في تشكيل الصورة الكلية التي يحملها الفرد عن ذاته. من بين هذه الأبعاد:

مفهوم الذات الجسدي (Physical Self-Concept):

 الذي يشمل إدراك الفرد لجسمه وصحته ومظهره الجسدي وقدراته الحركية. يلعب هذا البعد دورا مهما، خاصة في فترات المراهقة والشباب، حيث يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الثقة بالنفس والصورة الذاتية العامة.

مفهوم الذات الأكاديمي (Academic Self-Concept):

 وهو تقييم الفرد لقدراته ومهاراته في المجال الأكاديمي والتعليمي، ويشمل إدراكه لذكائه، وقدرته على التعلم، وتحصيله الدراسي مقارنة بأقرانه. هذا المفهوم له تأثير مباشر على دافعية الفرد للإنجاز وتحقيق الأهداف الأكاديمية.

مفهوم الذات الاجتماعي (Social Self-Concept) :

يمثل محورا آخر، وهو يتعلق بكيفية إدراك الفرد لكفاءته في التفاعلات الاجتماعية، وقدرته على تكوين العلاقات، وقبوله من قبل الآخرين. ويتضمن هذا البعد أيضا الأدوار الاجتماعية التي يلعبها الفرد في حياته، مثل دوره كابن، أو صديق، أو موظف.

مفهوم الذات العاطفي (Emotional Self-Concept):

 الذي يتعلق بإدراك الفرد لمشاعره، وقدرته على فهمها وإدارتها والتحكم فيها، وكذلك تقييمه لاستقراره النفسي. هذه المكونات ليست منفصلة عن بعضها البعض، بل هي متشابكة ومترابطة بشكل معقد، حيث يؤثر كل منها في الآخر ويتأثر به، مشكلة بذلك الصورة المتكاملة والفريدة لذات كل فرد.

تطور مفهوم الذات

إن تطور مفهوم الذات يبدأ منذ المراحل المبكرة جدا من العمر، حيث يبدأ الطفل بالتمييز بين ذاته والعالم الخارجي، ثم يبدأ تدريجيا في بناء فهم لقدراته وصفاته من خلال تفاعله مع البيئة المحيطة به، خاصة الوالدين والأقران. تلعب الخبرات الناجحة والدعم الاجتماعي دورا حاسما في تشكيل مفهوم ذات إيجابي، بينما قد تؤدي الفشل المتكرر أو النقد اللاذع إلى تكوين مفهوم ذات سلبي.

إن مفهوم الذات لا يتشكل في فراغ، بل هو نتاج عملية تفاعلية مستمرة بين الفرد وبيئته. تلعب الذات المثالية (Ideal Self)، التي تمثل الصورة التي يتمنى الفرد أن يكون عليها، دورا مهما في هذه العملية. الفجوة بين الذات المثالية والذات المدركة (Perceived Self) يمكن أن تكون مصدرا للدافعية لتحسين الذات، ولكنها قد تؤدي أيضا إلى الشعور بعدم الرضا وانخفاض تقدير الذات إذا كانت الفجوة كبيرة جدا.

 كما أن تقييم الآخرين لنا، خاصة الأشخاص المهمين في حياتنا مثل الوالدين، والمعلمين، والأصدقاء، يساهم بشكل كبير في تشكيل صورة الذات. فالمدح والتشجيع يعززان الإيجابية، بينما النقد والرفض قد يزرعان الشكوك والسلبية. الثقافة أيضا تلعب دورا بارزا في تحديد معايير ومكونات مفهوم الذات المقبول والمرغوب فيه. فما يعتبر صفة إيجابية في ثقافة ما قد لا يكون كذلك في ثقافة أخرى، وهذا يؤثر على طريقة تقييم الفرد لذاته.

 بالإضافة إلى ذلك، المقارنات الاجتماعية، التي يقوم بها الفرد بشكل طبيعي بين نفسه والآخرين، تؤثر بشكل كبير على مفهوم الذات. فالمقارنة مع من يعتبرهم الفرد أفضل منه قد تؤدي إلى الشعور بالنقص، بينما المقارنة مع من يعتبرهم أقل قد تؤدي إلى الشعور بالتفوق.

ومن الناحية الفلسفية، مفهوم الذات يحمل في طياته أسئلة عميقة حول الهوية والوجود والوعي. فمن نحن حقا؟ هل نحن جوهر ثابت أم هوية متغيرة؟ كيف يتعلق وعينا بذواتنا بعلاقتنا بالعالم؟ هذه الأسئلة شغلت الفلاسفة عبر العصور، وما زالت موضوعا للتأمل والجدل.

أهمية دراسة مفهوم الذات

 إن فهم مفهوم الذات ليس مجرد رغبة أكاديمية، بل هو ضرورة عملية لتحسين حياة الأفراد. فالأفراد الذين يمتلكون مفهوما ذاتيا واضحا وإيجابيا يكونون أكثر ثقة بأنفسهم، وأكثر قدرة على اتخاذ قرارات صحيحة، وأكثر مرونة في مواجهة التحديات، وأكثر قدرة على بناء علاقات صحية ومثمرة على العكس من ذلك. قد يؤدي مفهوم الذات المشوه أو السلبي إلى مجموعة متنوعة من المشاكل النفسية. بما في ذلك القلق والاكتئاب وانخفاض تقدير الذات وصعوبة التكيف الاجتماعي.

 لذلك، تعد دراسة مفهوم الذات وفهمه مجالا حيويا في علم النفس، يهدف إلى تزويد الأفراد بالأدوات والرؤى اللازمة لبناء ذات صحية وإيجابية، مما يمكّنهم من عيش حياة أكثر إشباعا وإنتاجية. إن البحث في هذا المجال مستمر، حيث يسعى العلماء لفهم أعمق للآليات النفسية والعصبية التي تكمن وراء تشكيل الذات، وكيفية تأثيرها على السلوك والصحة النفسية، وذلك بهدف تطوير استراتيجيات وبرامج فعالة لتعزيز مفهوم الذات الإيجابي لدى الأفراد والمجتمعات.

تقدير الذات: البعد التقييمي للذات وأهميته الحيوية

إذا كان مفهوم الذات (Self-Concept) يمثل الإجابة الوصفية لسؤال “من أنا؟”، فإن تقدير الذات (Self-Esteem) يمثل الإجابة التقييمية لسؤال “ما مدى قيمتي كفرد؟”. بمعنى آخر، تقدير الذات هو الجانب العاطفي والتقييمي لمفهوم الذات، وهو يعكس مدى قبول الفرد لذاته واحترامه لها وإعجابه بها، بغض النظر عن آراء الآخرين أو معايير المجتمع. إنه شعور الفرد الداخلي بقيمته الذاتية وأهليته، وهو ليس مجرد شعور آني، بل هو اتجاه عام ومستقر نسبيا نحو الذات. يمكن أن يكون تقدير الذات إيجابيا (مرتفعا) أو سلبيا (منخفضا)، ويختلف في شدته واستقراره من شخص لآخر ومن موقف لآخر.

تقدير الذات المرتفع

 الأفراد ذوو تقدير الذات المرتفع (High Self-Esteem) يميلون بشكل عام إلى الشعور بالثقة بأنفسهم وقدراتهم، ويرون أنفسهم أشخاصا أكفاء ومحبوبين وقادرين على التعامل مع متطلبات الحياة ومواجهة تحدياتها. لديهم اعتقاد راسخ بقيمتهم الذاتية، مما يجعلهم أقل تأثرا بالنقد أو الفشل، وأكثر قدرة على التعلم من أخطائهم والمضي قدما. هم غالبا ما يكونون أكثر إيجابية وتفاؤلا، وأكثر استعدادا لتجربة أشياء جديدة وتحمل المخاطر المحسوبة، وأكثر قدرة على إقامة علاقات اجتماعية صحية ومتوازنة، لأنهم لا يشعرون بالحاجة الدائمة للحصول على موافقة الآخرين لإثبات ذواتهم. على النقيض.

تقدير الذات المنخفض

 الأفراد ذوو تقدير الذات المنخفض (Low Self-Esteem) يميلون إلى الشك في قيمتهم الذاتية وقدراتهم، وغالبا ما يشعرون بالنقص وعدم الكفاءة. هم أكثر حساسية لنقد الآخرين، ويميلون إلى تفسير التصرفات والأحداث بشكل سلبي، ويعانون من مشاعر القلق والاكتئاب بشكل أكبر. قد يتجنبون تحمل المسؤوليات أو مواجهة التحديات خوفا من الفشل، وقد يشعرون بالحاجة المستمرة لإرضاء الآخرين للحصول على تقديرهم وقبولهم. هذا النوع من تقدير الذات يمكن أن يكون عائقا كبيرا أمام النمو الشخصي والنجاح في مختلف جوانب الحياة.

أهمية تقدير الذات:

تكمن أهمية تقدير الذات في كونه عاملا أساسيا يؤثر على جوانب متعددة ومهمة في حياة الفرد.

الصحة النفسية والعافية

 أولا، من حيث الصحة النفسية والعافية، يرتبط تقدير الذات المرتفع ارتباطا إيجابيا بمستويات أعلى من السعادة والرضا عن الحياة، ومستويات أقل من التوتر والقلق والاكتئاب. الأفراد الذين يقدرون ذواتهم يميلون إلى امتلاك مرونة نفسية أكبر تمكنهم من التعامل بشكل أفضل مع الضغوطات النفسية والأزمات الحياتية.

الأداء الأكاديمي والمهني.

 ثانيا، يؤثر تقدير الذات بشكل كبير على الأداء الأكاديمي والمهني. الطلاب ذوو التقدير الذاتي المرتفع يكونون أكثر دافعية للتعلم، وأكثر ثقة في قدراتهم الأكاديمية، وأكثر استعدادا للمشاركة في الفصل ومواجهة التحديات الدراسية. وفي مكان العمل، الموظفون الذين يتمتعون بتقدير ذاتي مرتفع غالبا ما يكونون أكثر إنتاجية وإبداعا، وأكثر قدرة على اتخاذ القرارات والقيادة.

العلاقات الاجتماعية

 ثالثا، يلعب تقدير الذات دورا حاسما في العلاقات الاجتماعية. الأفراد الذين يشعرون بقيمتهم الذاتية يكونون أكثر قدرة على إقامة علاقات صحية ومتكافئة، لأنهم لا يخشون التعبير عن آرائهم أو إظهار هويتهم الحقيقية. كما أنهم يكونون أكثر تعاطفا واحتراما للآخرين.

اتخاذ القرارات

 رابعا، يؤثر تقدير الذات على اتخاذ القرارات. الأفراد ذوو التقدير الذاتي المرتفع يكونون أكثر ثقة في قراراتهم، وأقل ترددا، وأكثر استعدادا لتحمل مسؤولية خياراتهم.

تعزيز المرونة النفسية

 أخيرا، يساهم تقدير الذات المرتفع في تعزيز المرونة النفسية (Resilience)، أي القدرة على التعافي من الصعوبات والتجارب المؤلمة. عندما يواجه الفرد الفشل أو الرفض، فإن إيمانه بقيمته الذاتية الأساسية يساعده على تجاوز هذه التجارب والتعلم منها بدلا من السماح لها بتدمير ثقته بنفسه.

تقدير الذات الصحي وتقدير الذات الزائف أو الدفاعي:

من المهم أن نميز بين تقدير الذات الصحي (Healthy Self-Esteem) وتقدير الذات الزائف أو الدفاعي (Defensive High Self-Esteem). التقدير الذاتي الصحي يقوم على إدراك واقعي للذات، يشمل معرفة النقاط القوية والضعف، والقبول الذاتي مع الرغبة في النمو والتطور.

أما التقدير الذاتي الدفاعي، فيتميز بغرور مفرط وتضخيم للذات، وهو غالبا ما يكون غطاء لمشاعر عميقة بالنقص وعدم الأمان. الأفراد أصحاب التقدير الذاتي الدفاعي قد يظهرون ثقة زائدة بأنفسهم، لكنهم في الواقع حساسون جدا للنقد وأي تهديد لصورتهم المثالية، وقد يتفاعلون بعدوانية أو انسحاب عند مواجهة التحدي.

 إن بناء تقدير ذاتي صحي لا يعني أن يصبح الفرد كاملا أو بلا عيوب، بل يعني أن يتقبل نفسه كما هو، مع العمل على تحسين جوانب حياته التي يرغب في تطويرها. إنها رحلة مستمرة من النمو الذاتي والوعي بالذات، تتطلب صدقا مع النفس وشجاعة لمواجهة التحديات. إن تقدير الذات ليس نهاية في حد ذاته، بل هو وسيلة ليعيش الفرد حياة أكثر غنى ومعنى، ويحقق إمكانياته الكاملة. ولذلك، يعتبر فهمه وتعزيزه هدفا أساسيا في علم النفس وعلم النفس العلاجي.

قياس تقدير الذات: التحديات والمنهجيات

قياس تقدير الذات يمثل تحديا مهما في مجال علم النفس، نظرا لطبيعته الذاتية وتعقيداته. فتقدير الذات هو مفهوم باطني، لا يمكن ملاحظته مباشرة، بل يتم الاستدلال عليه من خلال السلوكيات اللفظية وغير اللفظية، أو من خلال استجابات الفرد على أدوات قياس مصممة خصيصا لهذا الغرض. إن تطوير أدوات قياس دقيقة وموثوقة لتقدير الذات أمر حيوي لفهم هذا البناء النفسي الهام، وتقييم مستوياته لدى الأفراد، وتحديد الفئات التي قد تحتاج إلى دعم أو تدخل لتحسين تقديرها لذاتها.

هناك العديد من المنهجيات والأدوات المستخدمة لقياس تقدير الذات، تختلف في أساليبها وتركيزها، ولكنها تشترك جميعها في الهدف الرئيسي وهو تقديم مؤشر كمي أو كيفي لمستوى تقدير الفرد لذاته. من أكثر الطرق شيوعا هي:

الاستبيانات الذاتية (Self-Report Questionnaires)

 وهي أدوات تتكون من مجموعة من العبارات أو الأسئلة التي يطلب من الفرد الإجابة عليها بناء على مشاعره ومعتقداته الشخصية. تعتمد هذه الاستبيانات على افتراض أن الفرد قادر على الإبلاغ بصدق ودقة عن حالته النفسية الداخلية. تتميز هذه الطريقة بسهولة تطبيقها على عينات كبيرة، وتكلفتها المنخفضة نسبيا، مما يجعلها الخيار الأمثل في العديد من الدراسات البحثية والتطبيقات السريرية.

 ومع ذلك، تواجه الاستبيانات الذاتية بعض التحديات، مثل تحيز الإجابات الاجتماعية المطلوبة (Social Desirability Bias)، حيث يميل بعض الأفراد إلى الإجابة بطريقة يعتقدون أنها مقبولة اجتماعيا بدلا من التعبير عن مشاعرهم الحقيقية. كما أن دقة الإجابات تعتمد على مستوى وعي الفرد بذاته وقدرته على التعبير عن مشاعره بدقة.

طرق القياس الأخرى: المقابلات السريرية، والملاحظة السلوكية، والأساليب الإسقاطية.

المقابلات السريرية تسمح للمعالج أو الباحث بالحصول على معلومات أعمق وأكثر تفصيلا عن تقدير ذات الفرد، من خلال طرح أسئلة مفتوحة وملاحظة ردود الفعل اللفظية وغير اللفظية.

 أما الملاحظة السلوكية، فتعتمد على مراقبة سلوك الفرد في مواقف مختلفة، واستنتاج مستوى تقديره لذاته من خلال ثقته في تصرفاته، وطريقة تعامله مع الآخرين، وقدرته على مواجهة التحديات.

 الأساليب الإسقاطية، مثل اختبار تفهم الموضوع (TAT) أو اختبار بقع الحبر (Rorschach)، تفترض أن الأفراد يسقطون مشاعرهم ودوافعهم اللاشعورية على مثيرات غامضة (صور أو بقع)، ويمكن للخبير تفسير هذه الإسقاطات للوصول إلى تقدير الذات. ولكن هذه الأساليب تتطلب خبرة عالية في التفسير، وتفتقر أحيانا إلى الموضوعية والموثوقية الكمية التي تتميز بها الاستبيانات. من بين الاستبيانات الذاتية، يبرز مقياس روزنبرغ لتقدير الذات (Rosenberg Self-Esteem Scale – RSES) كواحد من أشهر وأكثر المقاييس استخداما على مستوى العالم.

مقاييس تقدير الذات

مقياس تقدير الذات

مقياس تقدير الذات

هو استبيان يهدف إلى قياس مدى شعور الفرد تجاه نفسه بصورة دقيقة وشاملة؛ يقيس المقياس السمة النفسية "تقدير الذات" من خلال تقييم مجموعة من المشاعر والأفكار المرتبطة بالذات،

1 / 40

1. أتمنى لو كنت شخصًا آخر.

2 / 40

2. أشعر أنني أفسد الأمور دائمًا.

3 / 40

3. أثق في كفاءة الآخرين أكثر من ثقتي في نفسي.

4 / 40

4. أشعر بالثقة في قدرتي على النجاح في أي شيء أفعله.

5 / 40

5. أشعر أن الآخرين يقضون وقتًا ممتعًا حين يرافقونني.

6 / 40

6. أشعر أن الناس يحبونني.

7 / 40

7. أشعر أنني أتعرض للاستغلال أكثر من الآخرين.

8 / 40

8. أشعر أنه إذا كنت أكثر شبهًا بالآخرين فسأشعر بتحسن تجاه نفسي.

9 / 40

9. أشعر أنني شخص لطيف.

10 / 40

10. أشعر بالإحراج إذا سمح الآخرون لي بالتعبير عن أفكاري.

11 / 40

11. أتمنى لو أستطيع الاختفاء حينما أكون مع الآخرين.

12 / 40

12. أشعر أنني أستطيع الاعتماد على نفسي في إدارة الأمور بشكل جيد.

13 / 40

13. أشعر أنني شخص جيد.

14 / 40

14. أخشى أن أبدو غبيًا أمام الآخرين.

15 / 40

15. أصدقائي يقدرونني كثيرًا.

16 / 40

16. أشعر أنني لست شخصًا محبوبًا جدًا.

17 / 40

17. أشعر أن الناس لن يحبونني إذا عرفوني جيدًا.

18 / 40

18. أشعر بالثقة في قدرتي على التعامل مع الآخرين.

19 / 40

19. أشعر أن الآخرين يفعلون الأشياء بشكل أفضل مني.

20 / 40

20. أشعر أنني شخص جذاب.

21 / 40

21. أشعر أنني من المحتمل أن أفشل في الأشياء التي أقوم بها.

22 / 40

22. أشعر أن الناس يحبون الحديث معي فعلاً.

23 / 40

23. أشعر أنني شخص كفء جدًا.

24 / 40

24. عندما أكون مع الآخرين أشعر أنهم سعداء بوجودي بينهم.

25 / 40

25. أشعر أنني أترك انطباعًا جيدًا لدى الآخرين.

26 / 40

26. أشعر بالثقة في قدرتي على بدء علاقات جديدة إذا أردت ذلك.

27 / 40

27. أشعر أنني قبيح.

28 / 40

28. أشعر أنني شخص ممل.

29 / 40

29. أشعر بالارتباك الشديد عند وجودي مع الغرباء.

30 / 40

30. أشعر بالثقة في قدرتي على تعلم أشياء جديدة.

31 / 40

31. أشعر أنني راضٍ عن نفسي.

32 / 40

32. أشعر بالخجل من نفسي.

33 / 40

33. أشعر أنني أقل من الآخرين.

34 / 40

34. أشعر أن أصدقائي يجدونني شخصًا مثيرًا للاهتمام.

35 / 40

35. أشعر أن لدي حس فكاهي جيد.

36 / 40

36. أغضب من نفسي بسبب طريقتي أو سلوكياتي.

37 / 40

37. أشعر بالارتياح عند مقابلة أشخاص جدد.

38 / 40

38. أشعر أن الآخرين أكثر ذكاءً مني.

39 / 40

39. لا أحب نفسي.

40 / 40

40. أشعر بالثقة في قدرتي على مواجهة المواقف الصعبة.

نتيجتك هي

متوسط ​​النتيجة هو 75%

مقياس روزنبرغ لتقدير الذات  تم تطويره بواسطة موريس روزنبرغ في الستينيات، ويتكون من 10 عبارات فقط، تقيس التقدير الذاتي العام. يتميز بقصره وسهولة تطبيقه، وله خصائص سيكومترية جيدة من حيث الثبات والصدق. ومع ذلك، بسبب قصره، قد لا يغطي جميع جوانب تقدير الذات بالتفصيل الذي قد تحتاجه بعض الدراسات أو التطبيقات السريرية.

هناك أيضا مقاييس أخرى مثل مقياس تقدير الذات العابر (State Self-Esteem Scale – SSES) الذي يقيس التقلبات اللحظية في تقدير الذات بدلا من التقدير الذاتي كسمة مستقرة. ومقياس كوبر سميث لتقدير الذات (Coopersmith Self-Esteem Inventory) الذي يركز على تقدير الذات لدى الأطفال والمراهقين.

 ومقياس جانير وواتسون لتقدير الذات (Janis-Field Feelings of Inadequacy Scale) الذي يقيس مشاعر النقص الاجتماعي. إن اختيار المقياس المناسب يعتمد على هدف القياس (بحثي، سريري، تربوي)، والفئة العمرية المستهدفة، والجانب المحدد من تقدير الذات الذي يراد قياسه.

 في هذا السياق، يأتي مقياس تقدير الذات” (Self-Esteem Rating Scale – SERS) الذي طوره ويليام آر. نوغنت وجي. دبليو. توماس كأداة شاملة لقياس تقدير الذات. يتكون المقياس من 40 عبارة، مما يسمح بتغطية أوسع لمظاهر تقدير الذات المختلفة مقارنة بالمقاييس الأقصر. وقد تم تطويره ليكون أداة مفيدة في البحث العلمي والممارسة السريرية، خاصة في مجال الخدمة الاجتماعية كما يتضح من مصدره الأصلي(Nugent & Thomas, 1993).

 “مقياس تقدير الذات” (Self-Esteem Rating Scale – SERS): عرض وتحليل مفصل


مقياس تقدير الذات (SERS) هو أداة نفسية مصممة خصيصا لتقييم مشاعر الفرد تجاه ذاته بشكل شامل. طوّر هذا المقياس من قبل الدكتور ويليام آر. نوغنت والدكتور جي. دبليو. توماس، ونشرت دراسة التحقق من صحته العلمية لأول مرة في عام 1993. يستهدف المقياس فئة البالغين بهدف تقديم صورة مفصلة عن مستوى تقدير الذات، مما يجعله أداة قيمة في مجالي البحث العلمي والممارسة السريرية.

هيكل المقياس وطريقة التطبيق

يتكون مقياس تقدير الذات (SERS) من 40 عبارة تغطي طيفا واسعا من الجوانب المرتبطة بتقدير الذات، مثل الشعور بالكفاءة الشخصية، والقبول الاجتماعي، والجاذبية الذاتية، والثقة بالآخرين، والأمان النفسي، والقدرة على مواجهة التحديات. تتميز هذه العبارات بوضوحها وتنوعها بين الإيجابية التي تعكس تقديرا ذاتيا مرتفعا (مثل: “أشعر بالرضا عن نفسي”، “أشعر أنني شخص كفء جدا”) والسلبية التي تشير إلى تقدير ذاتي منخفض (مثل: “أشعر بالخجل من نفسي”، “أشعر أنني سأفشل في ما أقوم به”).

تقدّم كل عبارة للمستجيب على مقياس ليكرت من 7 نقاط، يطلب منه الإشارة إلى مدى تكرار الشعور المذكور في العبارة، تتراوح الخيارات من “أبدا” (1) إلى “دائما” (7). يضمن هذا التدرج الحصول على تقييم دقيق وحساس للاختلافات الفردية في مشاعر تقدير الذات.

آلية التصحيح والتفسير واستخدامات المقياس

تتمثل الخطوة الأولى في تصحيح المقياس في عكس درجات العبارات السلبية. فقبل حساب الدرجة الكلية، يجب تحويل درجات 19 عبارة سلبية محددة (مثل العبارات رقم 1, 2, 5, 11… إلق) إلى قيم معاكسة. على سبيل المثال، تصبح الإجابة “أبدا” (1) تساوي 7 نقاط بعد العكس، و”دائما” (7) تصبح نقطة واحدة. تهدف هذه العملية إلى ضمان أن جميع العبارات تساهم في الاتجاه نفسه في الدرجة الكلية، بحيث تشير الدرجة المرتفعة دائما إلى تقدير ذاتي مرتفع.

بعد عكس العبارات السلبية، تجمع درجات جميع العبارات الـ 40 للحصول على الدرجة الكلية، والتي تتراوح نظريا بين 40 (أدنى تقدير للذات) و280 (أعلى تقدير للذات).

لتفسير هذه الدرجة، يوفر المقياس معايير مرجعية تستند إلى عينة سكانية. على سبيل المثال، تشير الدرجة 227 إلى أن الفرد يتمتع بتقدير ذاتي أعلى من 50% من الأفراد في العينة المرجعية. بينما تشير الدرجة 194 أو أقل إلى مستوى منخفض من تقدير الذات. بشكل عام:

  • الدرجات المنخفضة (أقل من 210): قد تشير إلى صعوبات في تقدير الذات تستحق الاهتمام.
  • الدرجات المتوسطة (حوالي 227): تعكس مستوى متوسطا من تقدير الذات.
  • الدرجات المرتفعة (أعلى من 244): تشير إلى تقدير ذاتي مرتفع، مع التأكيد على أهمية أن يكون هذا التقدير واقعيا وليس دفاعيا.


السياق النظري والتفسيري لنتائج مقياس تقدير الذات (SERS)

تعتبر الدرجة الكلية التي يحصل عليها الفرد من “مقياس تقدير الذات” (SERS) مجرد نقطة انطلاق لفهم أكثر عمقا لتقدير الذات. لا تعكس هذه الأرقام بمفردها الصورة كاملة، بل تحتاج إلى تفسير دقيق ضمن إطار نظري يشمل طبيعة تقدير الذات نفسه، وخصائص المقياس، والفروق الفردية بين الأشخاص. يؤكد الدكتور نوغنت، مطور المقياس، أن الفهم الحقيقي يتطلب نظرة نقدية تتجاوز الأرقام إلى التحليل النفسي المعمق للحالة الفردية.

التطور النظري لأنماط تقدير الذات وتمييزها

شهد المفهوم العلمي لتقدير الذات تطورا كبيرا. فبعد أن ساد الاعتقاد بأن تعزيز التقدير الذاتي بغض النظر عن الإنجاز هو مفتاح النجاح، أظهرت أبحاث لاحقة مثل أعمال عالمة النفس كارول دويك أن المديح غير المشروط قد يأتي بنتائج عكسية. حيث وجدت أن التركيز على الجهد بدلا من القدرة الثابتة هو ما يحفز الأفراد على مواجهة التحديات والتحسن. وهذا يبرز فكرة جوهرية وهي أن التقدير الذاتي الصحي يكون مكتسبا وليس ممنحا. أي أنه ينبع من الشعور الحقيقي بالكفاءة والإنجاز.

من هذا المنطلق، ظهرت الحاجة لتمييز أنواع تقدير الذات:

  1. التقدير الذاتي الدفاعي المرتفع: وهو نمط غير صحي، حيث يظهر الفرد ثقة مفرطة وهشة، مع رفض أي نقد وإرجاع الإخفاقات لأسباب خارجية. هذا النمط يعكس سوء تكيف وليس صحة نفسية.
  2. التقدير الذاتي المعتدل المرتفع: وهو النمط الأكثر صحة وتكيفا، حيث يشعر الفرد بالرضا عن نفسه مع قدرة على الاعتراف بالعيوب والعمل على تطوير الذات، محققا توازنا بين قبول الذات والسعي للتحسن.
  3. التقدير الذاتي المنخفض: وهو عبء نفسي يجعل الفرد غير قادر على رؤية نقاط قوته، ويركز بشكل قاطع على السلبيات. مثال ذلك حالة “دوغ” الذي كان عاجزا عن ذكر أي صفة إيجابية عن نفسه في الحاضر رغم نجاحاته الموضوعية.

تفسير النتائج في السياق الفردي واستراتيجيات للتحسين

عند تفسير نتائج الـ SERS، من الضروري تجنب التعميم ومراعاة السياق الفردي. فالدرجة المنخفضة لا تعني أن الفرد “فاشل”، بل قد تشير إلى صعوبات في نظرة الفرد لذاته. كما أن مجرد إكمال الفرد للتقييم ورغبته في فهم ذاته تعتبر خطوة إيجابية بحد ذاتها. ومن المهم ملاحظة أن الأفراد ذوي التقدير المتواضع غالبا ما يكونون أصدقاء مخلصين بسبب تركيزهم على الآخرين. مما يشير إلى وجود جوانب إيجابية في حياتهم يمكن البناء عليها.

لتجاوز انخفاض تقدير الذات، يقترح النص استراتيجيات عملية منها:

  • قبول الذات ورفض سعي الكمال: الإدراك أن عدم الكمال هو أمر طبيعي. وأن الشعور الجيد لا يتطلب التفوق في كل شيء.
  • التعرف على الصفات الإيجابية: عمل قائمة بالنقاط القوية، ويمكن طلب المساعدة من المقربين لتحديدها، وقراءتها بانتظام لمقاومة التحيز السلبي.
  • تحويل الشكوك إلى حافز: استخدام المشاعر السلبية كدافع لبذل أقصى جهد. على أن يكون الفشل في مجال محدد حافزا للبحث عن مجالات أخرى يمكن للفرد فيها أن يبرز.

أن تفسير نتائج مقياس تقدير الذات يجب أن يكون جزءا من حوار بناء يدعم الفهم الذاتي. ويؤدي في النهاية إلى تحسين جودة الحياة، وليس مجرد تصنيف رقمي. الهدف النهائي هو الانتقال من التقييم إلى العمل والفعل الإيجابي تجاه الذات.

نقاط القوة والضعف في “مقياس تقدير الذات” (SERS)

كأداة قياس، يتمتع “مقياس تقدير الذات” (SERS) بنقاط قوة تجعله خيارا مناسبا في سياقات معينة. كما أنه يعاني من بعض المحدوديات التي يجب أخذها في الاعتبار عند استخدامه أو تفسير نتائجه. فهم هذه الجوانب يساعد الباحثين والممارسين على استخدام المقياس بشكل فعال ونقدي.

نقاط القوة:

الشمولية والتغطية الواسعة (Comprehensiveness):

من أبرز نقاط قوة SERS هو عدد عباراته (40 عبارة). هذا الطول النسبي يسمح بتغطية مجموعة واسعة من الأبعاد المتعلقة بتقدير الذات. مثل الكفاءة الشخصية، والقبول الاجتماعي، والجاذبية الذاتية، والثقة بالآخرين، والشعور بالأمان، والتعامل مع المواقف الصعبة. هذه الشمولية قد توفر صورة أكثر تفصيلا وعمقا عن حالة تقدير الذات لدى الفرد مقارنة بالمقاييس الأقصر التي قد تركز على جوانب أقل. على سبيل المثال، بينما يقدم مقياس روزنبرغ (RSES) المكون من 10 عبارات قياسا عاما للتقدير الذاتي. يمكن لـ SERS أن يقدم رؤى أكثر دقة حول المجالات المحددة التي قد يشعر فيها الفرد بالثقة أو الشك.

الخصائص السيكومترية المقبولة (Acceptable Psychometric Properties):

تم تطوير SERS بعناية. وقد أظهرت الدراسات الأولية، مثل دراسة نوغنت وتوماس (1993). أن المقياس يتمتع بدرجات موثوقية (ثبات) وصدق مقبولة. الثبات يشير إلى أن المقياس يعطي نتائج متسقة عند إعادة تطبيقه. بينما الصدق يشير إلى أنه يقيس فعلا ما يفترض أن يقيسه (تقدير الذات). وجود مثل هذه الأدلة السيكومترية ضروري لاعتبار أي أداة قياس مناسبة للاستخدام البحثي أو السريري.

توفر المعايير (Availability of Norms): يوفر SERS معايير (Norms)

تساعد في تفسير الدرجات الفردية. هذه المعايير تسمح بمقارنة درجة الفرد بدرجات عينة مرجعية، مما يعطي معنى نسبيا لمستوى تقدير الذات. على سبيل المثال، معرفة أن درجة فرد ما تقع في النسبة المئوية 70 يعني أن تقديره لذاته أعلى من 70% من الأفراد في العينة المرجعية. هذا يساعد في تحديد ما إذا كانت الدرجة منخفضة أو متوسطة أو مرتفعة بشكل نسبي.

الوضوح والبساطة النسبية (Clarity and Relative Simplicity):

عبارات المقياس مصاغة بشكل واضح ومباشر، ومقياس الاستجابة (من 1 إلى 7) سهل الفهم بالنسبة لمعظم البالغين. هذا يسهل عملية تطبيق المقياس وتقليل احتمالية حدوث سوء فهم للعبارات من قبل المبحوثين.

التركيز على المشاعر الذاتية (Focus on Subjective Feelings):

يركز المقياس بشكل مباشر على “مشاعر” الفرد تجاه ذاته (“How Do You Feel about Yourself?”). هذا التركيز على الجانب العاطفي والذاتي هو جوهر تقدير الذات، مما يجعل المقياس يتوافق بشكل جيد مع التعريف النظري للمفهوم.

نقاط الضعف والمحدوديات:

الطول النسبي (Length):

بينما يعتبر الطول ميزة من حيث الشمولية، إلا أنه يمكن أن يكون أيضا عاملا سلبيا. فالمقياس المكون من 40 عبارة قد يكون ممللا أو مرهقا لبعض الأفراد، خاصة أولئك الذين يعانون من صعوبات في التركيز أو لديهم وقت محدود. هذا قد يؤثر على دقة واستمرارية إجاباتهم، حيث قد يميلون إلى الإجابة بشكل عشوائي أو غير دقيق في الجزء الأخير من المقياس.

الاعتماد على التقرير الذاتي (Self-Report Bias):

كمعظم مقاييس تقدير الذات، يعتمد SERS بشكل كامل على التقرير الذاتي. هذا يجعله عرضة لتحيزات مختلفة، مثل تحيز الإجابات الاجتماعية المطلوبة (Social Desirability Bias)، حيث قد يميل بعض الأفراد إلى تقديم صورة مثالية عن أنفسهم بدلا من التعبير عن مشاعرهم الحقيقية. كما أن دقة الإجابات تعتمد على مستوى وعي الفرد بذاته وقدرته على التعبير عن مشاعره بصدق، وهي عوامل قد تختلف بشكل كبير بين الأفراد.

حداثة المعايير وتعميمها (Recency and Generalizability of Norms):

المعايير المقدمة للمقياس قد تكون قديمة نسبيا (بناء على تاريخ تطوير المقياس في التسعينيات)، وقد لا تعكس التغيرات الثقافية والاجتماعية التي طرأت على مفهوم الذات وتقديره. كما أن تعميم هذه المعايير على ثقافات مختلفة أو فئات عمرية لم يتم دراستها بشكل كاف قد يكون مشكلة. فما يعتبر تقديرا ذاتيا مرتفعا في ثقافة ما قد يختلف في ثقافة أخرى.

طبيعة التقدير الذاتي كبناء معقد (Complexity of the Self-Esteem Construct):

على الرغم من شمولية SERS، إلا أن أي مقياس ذاتي قد لا يcapture all the nuances and complexities of self-esteem. تقدير الذات مفهوم متعدد الأبعاد وديناميكي، وقد تتأثر إجابات الفرد في لحظة معينة بحالته المزاجية العابرة أو بالأحداث الأخيرة التي مر بها.

التركيز على التقدير الذاتي كسمة (Focus on Trait Self-Esteem):

يقيس SERS بشكل أساسي تقدير الذات كسمة (Trait Self-Esteem)، أي المستوى العام والمستقر نسبيا لتقدير الفرد لذاته. قد لا يكون المقياس حساسا بشكل كاف لقياس التقلبات العابرة (State Self-Esteem) في تقدير الذات التي قد تحدث استجابة لمواقف معينة.

بشكل عام، يعتبر SERS أداة قيمة لقياس تقدير الذات، خاصة في الحالات التي تتطلب تقييما شاملا ومفصلا. ومع ذلك، يجب على المستخدمين أن يكونوا على دراية بمحدودياته، ويستخدموا نتائجه بحذر، ويفسروها ضمن سياق أوسع يتضمن معلومات أخرى عن الفرد والظروف المحيطة به. إن اختيار المقياس المناسب يعتمد دائما على الهدف من القياس والخصائص المحددة للفرد أو العينة المستهدفة.

الخلاصة: الذات وتقديرها في رحلة النمو المستمر

إن رحلة استكشاف الذات وتقديرها هي رحلة معقدة وديناميكية، تمتد عبر عمر الفرد وتتأثر بطيف واسع من العوامل النفسية والاجتماعية والثقافية. فهم طبيعة الذات كبنية معرفية وعاطفية متطورة، وتقدير الذات كالبعد التقييمي لهذه الذات، يعد حجر الزاوية في علم النفس وفي سعي الفرد لتحقيق الصحة النفسية والعافية.

 التقدير الذاتي الصحي ليس مجرد شعور بالتفوق أو الغرور، بل هو إدراك واقعي ومتوازن للذات، يشمل معرفة النقاط القوية والضعف، والقبول الذاتي مع الرغبة الصادقة في النمو والتطور. إنه يمنح الفرد الشجاعة لمواجهة تحديات الحياة، والمرونة للتعافي من الإخفاقات، والقدرة على إقامة علاقات إيجابية ومثمرة مع الآخرين.

 وفي هذا السياق، تبرز أهمية قياس تقدير الذات كأداة للفهم والتقييم. “مقياس تقدير الذات” (Self-Esteem Rating Scale – SERS) الذي طوره نوغنت وتوماس يمثل إحدى هذه الأدوات، ويقدم مساهمة قيمة من خلال شموليته في تغطية جوانب متعددة من تقدير الذات. إن طوله النسبي، رغم أنه قد يمثل تحديا في بعض السياقات، إلا أنه يسمح بتقديم صورة مفصلة ودقيقة عن مشاعر الفرد تجاه ذاته.

ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن أي مقياس، مهما بلغت دقته، هو مجرد أداة توفر لقطات زمنية أو مؤشرات. إن التفسير العميق لنتائج مثل هذه المقاييس يتطلب فهما نقديا للسياق النظري لتقدير الذات، وإدراكا للفروق الفردية، ومعرفة بنقاط القوة والضعف في الأداة المستخدمة. فالدرجة المرتفعة لا تعني دائما صحة نفسية مثلى، خاصة إذا كانت مبنية على أساس دفاعي. والدرجة المنخفضة ليست حكما نهائيا، بل قد تكون دعوة للانتباه والعمل على تعزيز الصورة الذاتية من خلال استراتيجيات نفسية ملائمة.

المراجع

Self-Esteem Rating Scale. https://doi.apa.org/doi/10.1037/t40488-000.

اترك تعليقاً