البرنامج التدريبي لعلاج تأخر اللغة، أو ما يمكن تسميته ببرنامج تحفيز أو تنشيط اللغة يعمل على محورين أساسيين متكاملين هما: الإرشاد العائلي. التأهيل اللغوي، بجلسات التخاطب أو التدريب مع الام. بحيث يتلقى الطفل تدريبات التخاطب بحضور الأم في الجلسات، وتدخلها في المنزل، ابتداء من سن العامين.
المحور الأول للبرنامج التدريبي لعلاج تأخر اللغة: الإرشاد العائلي.
تلعب الأسرة دورا هاما في علاج التأخر اللغوي لدى الطفل؛ لأن نوع وكثافة التفاعلات بين أفراد الأسرة والطفل، من شأنه أن يحدث تغييرا نوعيا في سلوكيات الطفل.
المرحلة قبل اللفظية (من 2 الى 12 شهر).
التحدث عما يلفت نظر الطفل مما يدور حوله في المنزل مع بدء التنبيه لمحاولات الطفل التعبير عن نفسه.
التحدث عن الأحداث اليومية (خلال الحدث)، كتغير الملابس، الاستحمام وغيرها، ويجب أن تكون الجمل المستعملة بسيطة وواضحة. مثلا، محمد يلبس قميصا كبيرا، أمشط شعرك بالمشط.
استخدام بعض الأصوات لربط الصوت بمصدره والتعرف على اسم المصدر، مثلا هذه قطة مياو، مع استخدام بعض الإشارات المصاحبة للحدث لتسهيل نقل المعنى المطلوب، مثلا، إشارة تعالا، وربطها بالكلمة المناسبة.
تعريف الطفل بالأشكال والألوان التي يستعملها في حياته اليومية، باستعمال الأشياء اليومية المتواجدة بالمنزل كأدوات المطبخ، الخضر، الفواكه (طماطم حمراء، طماطم كبيرة، موز أصفر…). ويمكن استخدام الصور أو اللعب التي تمثل المجموعات الضمنية المختلفة مثل الحيوانات، الملابس، أنواع الطعام، مع تشجيع الطفل على الإشارة الى الصورة وتسميتها.
تقليل الأسئلة المباشرة مثل ما هذا؟ او الإصرار على الحصول على استجابة فورية من الطفل،
وإعطاء الطفل التعزيز المناسب عند أداء اية استجابة كالتصفيق وابداء السرور.
المرحلة اللفظية (سنة فما فوق).
استخدام جمل واضحة وسهلة عند التحدث مع الطفل عن الأحداث اليومية التي يقوم بها كاللعب، المرحاض، الاكل.
اعتماد أسلوب تكرار ما يقوله الطفل مع التصحيح للمحتوى أو لبنية الجملة، أو لمخارج الأصوات مع محاولة إطالة الجملة المصححة. مثلا، الطفل يقول خبز، الأم، تريد خبزا، الطفل يهز رأسه، الأم أحسنت، محمد يريد خبزا.
تسمية المجموعات الضمنية المختلفة مثل أدوات الطعام، أعضاء الجسم، وسائل المواصلات، الحيوانات الأليفة والمتوحشة، الملابس، الخضر، الفواكه وغيرها. مع توضيح استخدامات أو وظائف كل منها.
عند تعلم الطفل كلمه جديدة يجب اعطاءه التعزيز المناسب؛ لأن ذلك يعطي الطفل
إحساسا بالتعلم والانجاز.
التوقف لمدة بسيطة بعد الكلام مع الطفل لإعطائه الفرصة للمشاركة في الحوار.
استخدام اللغة الأم التي يتفاعل بها جميع أفراد الأسرة داخل المنزل خلال التحدث مع الطفل، وتعليمه مفرداتها، وتجنب استخدام لغة ثانية في مراحل اللغة الأولى حتى لا يتشتت الطفل ويمتنع عن الكلام نهائيا؛ لأن قناة تعلم اللغة واحدة ولا يمكن تعليم الطفل الصغير لغتين في آن واحد.
المحور الثاني للبرنامج التدريبي لعلاج تأخر اللغة: التأهيل اللغوي.
يجب أولاً تصحيح المشكلات السمعية، العصبية، البصرية، أو أي سبب آخر للتأخر اللغوي. بعدها نقوم بتنشيط عام للغة باتباع الخطوات التالية
أولا، توجيه انتباه الطفل:
يتم وفق خمس خطوات أساسية هي:
مساعدة الطفل للتركيز وشد وتوجيه الانتباه السمعي أو البصري إلى الشيء المفضل لديه.
يصبح المعالج جزء من الهدف (اللعبة) ويدخل بالتدريج تعديلا على انتباه الطفل ليتجه بعيدا عن الشيء الذي يثير انتباهه حتى يستجيب للمعالج.
الاستمرار بمساعدة الطفل على التحكم في تركيز وتوجيه انتباهه (الانتباه الانتقائي) بتدخل الكبار في أسرته لتوجيه انتباهه من نقطة إلى أخرى، ويجب اعتماد أسلوب التعزيز المناسب.
بمجرد تحكم الطفل في الانتباه، نعمل على تطوير هذه المهارة. انتباه الطفل في هذا المستوى يكون احادي الاتجاه؛ ولا يستطيع الجمع بين الانتباه السمعي والبصري في آن واحد. لذلك يجب إعطاء الطفل الوقت الكافي لتحويل انتباهه عما يقوم به إلى الشخص المخاطب له ثم العودة إلى ما يقوم به مرة أخرى. يستدعي هذا الكثير من الصبر من قبل الكبار، وتكرار التعليمية أو التنبيه أو المثير عدة مرات.
يكون الطفل في هذه الخطوة الأخيرة قد وصل الى ربط التعليمات والتوجيهات اللفظية بما يقوم به عمليا، من دون الحاجة الى التوقف عما يقوم به، والنظر إليك ليفهم التعليمات أو الكلمات. وتكون بذلك قدرة الطفل على الانتباه الانتقائي قد اكتملت. ويكون الطفل هنا قادرا على الاستعداد للمدرسة.
ثانيا، تنمية المهارات الذهنية غير اللفظية، ونعمل على كل مهارة على حدا، ويمكن الجمع بين مهارتين
تدريبات الإدراك البصري والتآزر البصري-الحركي:
يتضمن تطابق الأشكال والبزل البسيط. يجب البدء بأشياء حقيقية وبعد ذلك يمكن استعمال الصور.
الأنشطة التركيبية:
نسمح للطفل بالإبداع بدون وجود نموذج يقلده. ثم نساعده على الانتقال الى مراحل أكثر تطور. ونجد هنا العديد من أنشطة التركيب البسيطة، المتوسطة، والمعقدة، كفتح وغلق زجاجة، وضع علب فوق بعضها، أو الحلقات، ويمكن هنا الابداع في الأنشطة.
تكوين المفاهيم: نتبع نفس مراحل تطور المفاهيم لدى الطفل وهي
- التطابق: للألوان، والاشكال، والاحجام، والكمية. يجب البدء بأشياء حقيقية ثم الانتقال الى الصور.
- التصنيف: تصنيف الألوان، الاشكال، الكمية.
- الحجم والكمية: باستخدام المتشابهات والمتضادات باستخدام الصور.
- فهم المواضع: يحتاج للتدريب بالكلام والاشارة (فوق، تحت، خلف وأمام).
- فهم المعنى الرمزي (فهم الرموز): نعتمد على التدريبات التالية
- اللعب التمثيلي: ويكون باستخدام اللعب الكبيرة الحجم المشابهة للواقع، واللغة البسيطة التي تستخدم مع اللعب.
- اللعب باستخدام اللعب صغيرة الحجم :بعد فهم الطفل للعب التمثيلي وتهيئته للرموز الممثلة في اللعب الصغيرة، نستخدم اللغة بصورة اكبر مصحوبة بفعل اللعب والمساعدة لتكوين الحوار.
- الصور: يجب فهم ان التدريب باستخدام الصور يجب ان يأتي بعد التأكد من فهم الطفل للمجسمات. الهدف هو تمكين الطفل من التمييز بين المحسوس والترميز (التمثيل).
- استخدام وفهم الإشارة :للإشارة دور أساسي في اكتساب اللغة؛ كون الإشارة تستخدم مع اللغة في مختلف مراحل اكتساب وتعلم اللغة. فإشارة التلويح باليد ترافق كلمة وداعا، واشارة هات أو أعطني ترافق المفردة دائما.
- فهم الكلام (اللغة الاستقبالية): في المراحل الأولى يعتمد المعالج على التدريب على فهم اللغة، ويقوم بتوجيه الأهل في استخدام جمل قصيرة وواضحة، واستخدام اسمين مترابطين، أو استخدام اسم مع فعل، أو استخدام اسم مع صفته، وتشجيع الطفل على استعمال ذلك.
- اللغة التعبيرية: نشجّع الطفل ونعلّمه على زيادة عدد المفردات المستخدمة في الجملة التواصلية بالتدريج، مرورا بالخطوات التالية
- التركيز على المحتوى والمعنى وليس الأصوات.
- تدعيم الطفل على اللغة التعبيرية والتصحيح غير المباشر.
- زيادة التعبير اللغوي عن طريق تكمله الجمل الناقصة (الطفل: فستان، الأم: بنت تلبس فستان)، إعطاء سؤال مباشر للطفل (ماذا تلبس الفتاة؟)، إطالة الجملة (الطفل: كلب هاو هاو، الأم: كلب يجري ويقول هاو هاو).
تعليمات عامة لنجاح البرنامج التدريبي لعلاج تأخر اللغة:
التأكيد على اختيار المثير المناسب والمتدرج:
يتم اختيار المنبه الأسهل، ثم الأصعب. مثلا بالنسبة لأعضاء الجسم نبدأ بالفم او العنين ثم نتدرج حتى نصل الي البطن او الرقبة او الظهر وهكذا. تكرر هذه المنبهات بعد عدة جلسات مع تغيير أحد المثيرات، مثلا اول جلسة: عين، فم، أذن، الجلسة الموالية: عين، أنف، أذن وهكذا. أثناء التدريب يتم نطق المنبه الذي تم اختياره في جمل بسيطة وسهلة وفي اكثر من شكل حتى يستطيع الطفل فهمها وتقبلها.
استخدم الطرق التالية اثناء الجلسة حسب الموقف:
- الكلام المتوازي، والاستطالة، واستخدام طريقة البيئة (الأسرة)، ويتم إعطاء فرصة للحوار بين الطفل والمعالج أو الأم، والأطفال بعضهم البعض مع الانتباه الى الأخطاء وتصحيحها بعد كلام الطفل.
- توجيه بعض الأسئلة البسيطة للطفل لحثه على نطق بعض الكلمات دون الضغط عليه، مثلا: محمد تريد الجبن أو المربى؟ فيجيب الطفل بإحدى الكلمتين. أو ما هذا يا محمد؟ فإذا لم يرد الطفل يقوم المعالج أو الأم بالإجابة بدلا عنه، ويعتبر هذا تدريب على الكلمة وعلى الإجابة على السؤال.
- جعل الجلسة تدور في موضوع واحد، وكل الأنشطة المختلفة تصب في هذا السياق، فمثلا يكون الهدف هو التدريب على بعض وسائل أجهزة البيت فتحول كل الأنشطة لخدمة هذا الهدف اذا امكن. وبعد انتهاء الجلسة يتم غناء اغنية بها نفس الأشياء والمفردات، وتلوين نفس الأشياء، وأثناء التدريب اليومي نقوم بتركيب وعمل نفس الأشياء، وهكذا. ويترك للمدرب حرية اختيار بعض المواد الأخرى غير التي ذكرت بشرط تكون مناسبة للهدف الذي وضع للتدريب.
- لا يشترط التدريب في اختيار الأنشطة الموجودة، فيمكن ان نبدأ بالغناء مثلا اذا ما وجدنا الطفل غير مهيئ للجلسة لشد انتباهه.
- النطق: بعد اكتمال مضمون اللغة التعبيرية يبدأ المعالج في ضبط الأصوات (الحروف) غير السليمة. لا يجب التركيز على تعليم مخارج الحروف ونطقها بطريقة صحيحة إلا بعد أن يتمكن من قول جملة من ثلاث كلمات بمفرده وبدون مساعدة. اذ يهتم كثير من أخصائي التخاطب بمخارج الحروف عند بدء العمل مع الطفل، ويركز على كيفية جعل الطفل ينطق حرف واحد فقط طوال الجلسة، ويعدّل ويصحح للطفل عدة مرات مما يحبط الطفل ويجعله يكره جلسات التخاطب ويكره الكلام، وهذا خاطئ. اجعل الطفل يشعر بالإنجاز في انتاج الجملة، ثم انتقل الى تصحيح مخارج الصوت، مما سيشعره بالدافعية والرغبة أكثر.
- التعزيز الإيجابي: مبدأ التعزيز يقول بأن التعزيز الإيجابي يزيد من احتمالية تكرار السلوك المعزز؛ لذا فالاستجابة الصحيحة التي تصدر عن الطفل طوال البرنامج تكافأ وتعزز فورا، ويجب احترام سلالم التعزيز.
- التدريب الجماعي والفردي: التدريب الفردي يسمح بتركيز أكثر لكل من المدرب والطفل معا، وبالتالي نتائج افضل في التدريب. ولكن التدريب الجماعي يساعد في التفاعل الاجتماعي للطفل. لذا فمن الأفضل أن تكون بداية البرنامج العلاجي اللغوي فردية مع اندماج تدريجي في تدريب جماعي وسط مجموعة من الأقران متكافئة الجوانب اللغوية والفكرية والحسية والحركية والعمرية. واذا لم تتوفر هذه المجموعة يدمج الطفل في روضة مثلا مع العاديين لتطوير مهاراته اللغوية بالموازاة مع الجلسات الفردية.