القائمة

العلاج السلوكي الجدلي

شارك المقال

العلاج السلوكي الجدلي، أحد الطرق الفعّالة في العلاج النفسي، يشكل جزءًا هامًا من التطور المستمر في ميدان العلاج المعرفي السلوكي. يسعى هذا الأسلوب العلاجي إلى فهم العلاقة بين التفكير والسلوك، وكيف يمكن أن يؤثر الاعتقاد الشخصي على السلوك والعواطف. في هذا المقال، سنستكشف أساسيات العلاج السلوكي الجدلي، وكيف يمكن أن يساعد الأفراد في فهم آليات تفكيرهم وتحفيز تغييرات إيجابية في حياتهم. سنلقي نظرة على المبادئ الرئيسية لهذا العلاج، وكيف يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على مجموعة واسعة من القضايا النفسية.

تعريف العلاج السلوكي الجدلي

العلاج السلوكي الجدلي هو نوع معدّل من العلاج السلوكي المعرفي. ويعتبر جزءا من الموجة الثالثة من العلاج السلوكي المعرفي.

صمّمت النفسانية الأمريكية والباحثة بجامعة واشنطن مارشا إم لينهان (Marsha M. Linehan) وفريقها في أواخر الثمانينيات العلاج السلوكي الجدلي بعد اكتشافهم من خلال الممارسة السريرية للعلاج المعرفي السلوكي أنه لا يعمل لوحده بالشكل المتوقع مع الحالات التي تعاني من اضطراب الشخصية الحدية. وتم بعد ذلك تطويره وتكييفه لعلاج حالات الصحة العقلية والنفسية المختلفة.

تعرف مارشا ام لينهام العلاج السلوكي الجدلي بأنه “توليف أو تكامل بين الأضداد”.

أضافت لينهان وفريقها تقنيات جديدة الى العلاج المعرفي السلوكي لتلبية احتياجات حالات الاضطرابات الحدية، وسمي التوجه العلاجي الجديد بالعلاج السلوكي الجدلي. ويجمع هذا التوجه العلاجي بين تقنيات إعادة الهيكلة المعرفية والتقبل واليقظة الذهنية.

التوجه العلاجي الجديد بالعلاج السلوكي الجدلي

وضعية علاجية علاج نفسي
العلاج المعرفي السلوكي

يركز هذا العلاج على الاضطرابات التي تتميز بالاندفاع وعدم التنظيم العاطفي، وهو أسلوب علاجي قائم على الأدلة والحقائق . ويساعد الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في التنظيم العاطفي والمعرفي أو الذين يظهرون سلوكيات إيذاء الذات المختلفة، مثل اضطرابات السلوك الغذائي والأكل، والادمان، والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة. ويتم ذلك من خلال التعّرف على المحفزات التي تؤدي إلى حالات الاستجابة والمساعدة في تقييم مهارات التكيف التي يجب تطبيقها في تسلسل الأحداث والأفكار والمشاعر والسلوكيات للمساعدة في تجنبها.

يعتمد العلاج السلوكي الجدلي على النظرية الاجتماعية الحيوية للأمراض العقلية؛ وهو العلاج الأول الذي أثبت تجريبيًا فعاليته في علاج اضطراب الشخصية الحدية، والعديد من مشكلات الصحة النفسية والعقلية. وقد أظهرت أول تجربة سريرية للعلاج السلوكي الجدلي انخفاض معدلات الميول الانتحارية والتوقف عن العلاج بالمقارنة مع العلاج المعرفي السلوكي التقليدي.

يعمل العلاج الجدلي السلوكي على تعليم الأشخاص كيفية عيش اللحظة، وتطوير طرق صحيّة للتعامل مع القلق والتوتر، وتنظيم انفعالاتهم، وتحسين علاقاتهم مع الآخرين. ويسمح للأشخاص بتطوير طرق فعّالة لإدارة المشاعر القوية والتعبير عنها.

يستخدم العلاج السلوكي الجدلي غالبا مرافقا أو مكملا لــ:

  • العلاجات الفردية المختلفة؛ أين يتم تكييف المهارات السلوكية المكتسبة للمريض مع تحديات وطموحات وواقع حياته الشخصية.
  • العلاج الجماعي؛ أين يتم تعليم المرضى المهارات السلوكية في إطار جماعي.
  • التواصل مع المعالج خارج الجلسات الفردية أو الجماعية عبر الهاتف أو الأنترنيت لتلقي التوجيهات حول التعامل مع الموقف الصعب الذي يتعرضون له حاليا.

استراتيجيات العلاج السلوكي الجدلي

يجمع العلاج السلوكي الجدلي بين التقنيات السلوكية المعرفية القياسية لتنظيم المشاعر، واختبار الواقع مع مفاهيم تحمل الضيق والقبول والوعي المستمدة من تقنيات التأمل أو اليقظة الذهنية.

يشمل هذا العلاج خمس استراتيجيات أساسية، يمكن الاكتفاء بها في العلاج الناجح، وهي:

استراتيجية القبول والتغيير

تقدم الجلسات الأولى من العلاج السلوكي الجدلي جدلية القبول والتغيير.

يجب أن يرتاح المريض أولاً لفكرة العلاج. وبمجرد أن ينشئ المريض والمعالج حلقة علاجية أساسها الثقة يبدأ العمل بالعلاج السلوكي الجدلي.

يشكل جزء أساسي من قبول التعلم ادراك فكرة القبول والتقبل. فالقبول يتضمن فكرة مواجهة المواقف الإيجابية والسلبية دون إصدار أحكام مسبقة. كما يتضمن التقبل مهارات اليقظة الذهنية والتنظيم العاطفي، والتي تعتمد على فكرة القبول أيضا.

في كثير من الأحيان، بعد أن يتعرّف المريض على فكرة القبول، فإنه يصاحبها التغيير تلقائيا.

يحتوي العلاج السلوكي الجدلي على خمس حالات محددة للتغيير، يقوم المعالج بمراجعتها مع المريض وهي:

  • مرحلة ما قبل التفكير هي المرحلة الأولى، حيث يكون المريض غير مدرك تماما لمشكلته.
  • في المرحلة الثانية، أي التأمل، يدرك المريض حقيقة مرضه: وهذا ليس فعلا، بل إدراكا.
  • المرحلة الثالثة، هي مرحلة الإعداد؛ حيث يتخذ المريض الإجراءات اللازمة ويستعد للتغيير.
  • في المرحلة الرابعة، يتخذ المريض الإجراءات ويتلقى العلاج.
  • في المرحلة الخامسة والأخيرة. يعزز المريض التغييرات التي أجراها لمنع الانتكاس.

وبعد استيعاب القبول والتغيير، يمكن للمريض أن يتقدم بشكل كامل إلى تقنيات اليقظة الذهنية.

اليقظة الذهنية

تعتبر اليقظة الذاتية إحدى تقنيات العلاج المعرفي السلوكي، وتستعمل كثيرا في العلاج السلوكي الجدلي.

تساعد هذه التقنية المريض على التركيز على الحاضر لعيش اللحظة الحالية، والانتباه إلى ما يحدث بداخله من أفكار وانفعالات وأحاسيس جسدية ودوافع. ثم تدريبه على استخدام حواسه لضبط ما يحدث من حوله دون إصدار أحكام استباقية سلبية.

اليقظة الذهنية هي القدرة على الانتباه -دون إصدار أحكام- إلى اللحظة الحالية: يخص الأمر عيش اللحظة، وتجربة المشاعر والحواس بشكل كامل.

تهدف ممارسة اليقظة الذهنية إلى جعل الفرد أكثر وعيا ببيئته من خلال الحواس الخمس. كما تعتمد اليقظة الذهنية على مبدأ القبول أو التقبل.

تعتمد مهارات القبول والتقبل على قدرة المريض على رؤية المواقف دون إصدار أحكام، وتقبل المواقف والعواطف المصاحبة لها.

استراتيجية تحمّل الشدة

مفهوم تحمّل الشدة نشأ من الأساليب المستخدمة في كل من العلاجات القائمة على العميل والعلاجات النفسية الديناميكية والتحليل النفسي والعلاج الجشطالتي والممارسات الدينية والروحية.

تحمّل الشدة هو تعلّم تحمل الانزعاج العاطفي بمهارة دون اللجوء إلى ردود أفعال غير قادرة على التكيّف. يتم تعلّم سلوكيات التكيّف الأكثر صحة، بما في ذلك الإلهاء الذاتي المتعمد، وتهدئة الذات، والقبول والتقبل.

تنشأ مهارات تحمل الشدة بشكل طبيعي نتيجة لليقظة الذهنية. وتتعلق بالقدرة على قبول الذات والوضع الحالي بطريقة غير تقييمية ومن أحكام. الهدف هو أن تصبح قادرًا على التعرف بهدوء على المواقف السلبية وتأثيرها، بدلاً من الانجراف في العاطفة، أو الاختباء والهروب منها. ويتيح ذلك للأفراد اتخاذ قرارات حكيمة حول ما إذا كانوا سيفعلون ذلك أم لا وكيفية ذلك، بدلاً من الوقوع في ردود أفعال عاطفية شديدة ويائسة ومدمرة في كثير من الأحيان.

استراتيجية التعامل مع الآخرين

تتضمن مهارات التعامل مع الآخرين التي يركز عليها العلاج السلوكي الجدلي احترام الذات ومعاملة الآخرين باهتمام واحترام متبادل. تتضمن الجدلية التي تنطوي عليها العلاقات الصحية تحقيق التوازن بين احتياجات الآخرين واحتياجات الذات، مع الحفاظ على احترام الفرد لذاته.

استراتيجية تنظيم العاطفة

غالبا ما يكون المرضى باضطراب الشخصية الحدية والأشخاص بسلوكيات انتحارية عاطفيين ومتقلبين، وغاضبين، أو محبطين بشدة، أو مكتئبين، أو قلقين. وبالتالي يفديهم كثيرا تعلم كيفية تنظيم عواطفهم.

تشمل مهارات تنظيم العاطفة وتنظيم الانفعالات ما يلي:

  • تحديد العواطف وتصنيفها
  • تحديد العوائق التي تحول دون تغيير العواطف
  • تقليل التعرض للعاطفة السلبية
  • زيادة الأحداث العاطفية الإيجابية
  • زيادة الوعي بالعواطف الحالية
  • اتخاذ إجراءات وسلوكيات معاكسة للعاطفة السلبية
  • تطبيق تقنيات تحمّل الشدة

تعتمد مهارات التنظيم العاطفي على النظرية القائلة بأن المشاعر القوية هي استجابة مشروطة للتجارب المزعجة وللمحفزات المشروطة. ويمكن تقسيم هذه المهارات (مهارات التنظيم العاطفي) إلى أربع وحدات أساسية هي:

أولا، تعلم كيفية فهم وتسمية المشاعر: يركّز المريض على التعرّف على مشاعره. ويرتبط هذا الجزء مباشرة باليقظة الذهنية، التي تعرضه أيضًا لمواجهة والتعرف على مشاعره وانفعالاته.

ثانيا، تغيير المشاعر غير المرغوب فيها: يؤكد المعالج على استخدام ردود الفعل المعاكسة أمام المشاعر المؤلمة من خلال الاستجابة المعاكسة للعاطفة. ويعتمد على التحقق من الأدلة والحقائق، وحل المشكلات لتنظيم هذه المشاعر.

ثالثا، تقليل الضعف: يتعلم المريض تراكم المشاعر الإيجابية والتخطيط لآليات التكيّف مسبقًا، من أجل التعامل بشكل أفضل مع التجارب الصعبة في المستقبل.

رابعا، إدارة الظروف القاسية: يركز المريض على دمج استخدامه لمهارات اليقظة الذهنية مع مشاعره الحالية، ليظل مستقرًا ومتنبهًا في وضعية الأزمات العاطفية والانفعالية.

الوسائل والأدوات المستخدمة لدعم العلاج السلوكي الجدلي

العلاج النفسي
العلاج السلوكي الجدلي

بالإضافة الى الجلسات العلاجية الفردية وأحيانا الجماعية، يلجأ المعالج الى مجموعة من التدريبات والمهام الأسبوعية.

أولا، البطاقات اليوميات

المنسقة، لتتبع المشاعر والسلوكيات المرافقة لها. تكون بطاقات اليوميات مفيدة للغاية عند الالتزام تعبئتها يوميا. تُستخدم بطاقة اليوميات للعثور على أولويات العلاج التي توجه جدول أعمال كل جلسة علاج. يمكن لكل من المريض والمعالج استخدام بطاقة اليوميات لمعرفة ما الذي تحسن أو أصبح أسوأ أو بقي على حاله.

ثانيا، جداول التقييم الذاتي

تفيد جداول الملاحظة والتقييم الذاتي لبيك أيضا في جمع وتتبع المشاعر والسلوكيات اليومية للمريض. يتدرب المريض مع المعالج في الجلسة العلاجية على كيفية تعبئة هذه الجداول خارج الجلسات (في الحياة اليومية). الهدف هذه الجداول هو جعل المريض يتحمل مسؤولية التعرف على انفعالاته وأفكاره والسلوكيات المرافقة لها، ورصدها بدقة، وتسجيلها. بالتدريب المستمر واليومي على تعبئة هذه الجداول، يصل المريض بعد مدة الى ادراك وفهم طبيعة أفكاره، وتوقع انفعالاته وسلوكياته.

ثالثا، تحليل السلسلة

تحليل السلسلة الرابطة بين الحدث المحفّز وصولا الى سلوك المشكلة وعواقبها.

تحليل السلسلة هو شكل من أشكال التحليل الوظيفي للسلوك، ولكن مع زيادة التركيز على الأحداث المتسلسلة التي تشكل سلسلة السلوك غير السوي.

خطوات العلاج السلوكي الجدلي

ينقسم العلاج السلوكي الجدلي إلى أربع مراحل من العلاج هي:

المرحلة الأولى

تخص هذه المرحلة بدايات العلاج، أين يتم التعامل مع السلوكيات الأكثر خطورة وتدميرا للذات.

المرحلة الثانية

بعد ضبط والتحكم في السلوكيات الخطيرة ان وجدت، ينتقل العلاج إلى معالجة المشكلات التي تؤثر على نوعية حياة الشخص، مثل فعاليته في التعامل مع الآخرين، ومهارات التنظيم العاطفي، والقدرة على تحمل الضيق والتوتر.

المرحلة الثالثة

تتمثل في التركيز على المشكلات المتعلقة باحترام الذات والعلاقات مع الآخرين.

المرحلة الرابعة

يركز فيها المعالج على مساعدة المريض على تحقيق أقصى استفادة من حياته، وإيجاد طرق لتجارب اشباع ورضا جديدة، وتعزيز علاقاته الاجتماعية، والعمل على تحقيق أهداف حياته.

استخدامات العلاج السلوكي الجدلي

على الرغم من أن العلاج السلوكي الجدلي تم تصميمه في الأصل لعلاج اضطراب الشخصية الحدية، الا أنه يعتبر اليوم علاجًا فعالًا للعديد من الاضطرابات، أهمها:

 فوائد العلاج السلوكي الجدلي

في العلاج السلوكي الجدلي، يعمل المريض والمعالج على حل التناقض الواضح بين قبول الذات والتغيير لإحداث تغييرات إيجابية لدى المريض. ويتضمن ذلك تقديم الأدلة من حياة المريض، مما يساعده على أن يصبح متعاونا أكثر في العلاج، وأقل عرضة للإحساس بالضيق من فكرة التغيير.

من الناحية العملية

يتحقق المعالج من أن تصرفات الفرد في سياق تجاربه الشخصية دون الموافقة بالضرورة على أن التصرفات هي أفضل نهج لحل المشكلة.

كل بيئة علاجية لها هيكلها وأهدافها الخاصة، ولكن يمكن العثور على خصائص العلاج السلوكي الجدلي في التدريب على المهارات الجماعية، والعلاج النفسي الفردي.

يوجد ست نقاط رئيسية في العلاج السلوكي الجدلي هي:

القبول والتغيير:

نتحدث هنا عن قبول الظروف وإجراء التغييرات. يتعلم المريض خلال العلاج السلوكي الجدلي استراتيجيات القبول والتسامح مع ظروف الحياة والعواطف والنفس. كما يطوّر المهارات التي تساعد على إجراء تغييرات إيجابية في السلوك والتفاعل مع الآخرين.

يسعى العلاج السلوكي المعرفي إلى جعل المريض ينظر إلى المعالج باعتباره حليفا متقبلا في علاج مشاكله. يهدف المعالج إلى قبول مشاعر المريض والتحقق من صحتها، مع إعلامه بأن بعض المشاعر والسلوكيات غير قادرة على التكيف، وإظهار بدائل أفضل له.

على المستوى السلوكي:

يتعلم المريض تحليل تحليل السلوكيات وتعلم أنماط الاستجابة الصحية، لا سياما المشكلات أو أنماط السلوك المدمرة واستبدالها بأنماط أكثر صحية وفعالية.

على المستوى المعرفي:

يركز العلاج على تغيير الأفكار والمعتقدات غير المفيدة أو غير القادرة على التكيف أو السلبية وغير الفعالة.

التعاون:

يتعلم المريض التواصل بفعالية، والعمل مع المعالج كفريق.

مهارات جديدة:

سيتعلم المريض مهارات جديدة لتعزيز قدراته، وتغيير سلوكياته. الهدف في هذا السياق هو تحقيق حياة تستحق العيش بالنسبة للمريض.

الدعم:

يتم تشجيع المريض على التعرف على نقاط قوته وسماته الإيجابية وتطويرها واستخدامها.

فعالية العلاج السلوكي الجدلي

بالنسبة لاضطراب الشخصية الحدية: بينت الدراسات السريرية أن العلاج السلوكي الجدلي فعّال في علاج اضطراب الشخصية الحدية، وتقليل خطر الانتحار لدى حالات هذا الاضطراب. كما بينت إحدى الدراسات أنه بعد عام من العلاج، تخلص ما نسبته (75٪) من الحالات الخاضعة للعلاج السلوكي الجدلي من عدد معتبر من معايير تشخيص اضطراب الشخصية الحدية.

بالنسبة للسلوك الانتحاري:

وجدت دراسة حديثة أن التدخلات العلاجية (السلوكي الجدلي) التي تتضمن التدريب على المهارات أكثر فعالية في الحد من السلوك الانتحاري مقارنة بالعلاجات دون التدريب على المهارات.

بالنسبة للاكتئاب:

قارنت دراسة تجريبية أجرتها جامعة ديوك علاج الاكتئاب بمضادات الاكتئاب والعلاج السلوكي الجدلي. تم علاج (34) شخصًا يعانون من الاكتئاب المزمن فوق سن الستين سنة لمدة (28) أسبوعا، ونفس العدد في مجموعة ثانية عولجت فقط بالأدوية.

بعد ستة أشهر من العلاج، لوحظت فروق ذات دلالة إحصائية في معدلات الشفاء بين المجموعتين، والنسبة الأكبر كانت من نصيب المرضى الذين عولجوا بمضادات الاكتئاب مع العلاج السلوكي الجدلي.

– بالنسبة لاضطراب ما بعد الصدمة:

يقدر معدل انتشار اضطراب ما بعد الصدمة المعقد بنسبة (0.5%)، في حين يبلغ معدل انتشار اضطراب ما بعد الصدمة (1.5%).

بينت الكثير من الدراسات السريرية أنه وعلى الرغم من إمكانية استخدام العلاج السلوكي الجدلي لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة، إلا أنه ليس أكثر فعالية من علاجات أخرى كتقنية (EMDR)، التي تعتبر علاجا قياسيا لاضطراب ما بعد الصدمة.

كما أن علاج اضطراب ما بعد الصدمة المعقد يتطلب تدخلا يختلف عن علاج اضطراب ما بعد الصدمة النموذجي، وذلك باستخدام نموذج متعدد المراحل للتعافي، بدلاً من التركيز على الذكريات المؤلمة. ويتكون النموذج متعدد المراحل الموصي به من إنشاء السلامة، وتحمل الشدة، والعلاقات الاجتماعية.

وجدت دراسة شاركت في تأليفها لينهان أنه من بين النساء اللاتي يتلقين رعاية خارجية لاضطراب الشخصية الحدية والذين حاولن الانتحار في العام السابق، فإن 56% منهن يستوفين معايير اضطراب ما بعد الصدمة. بسبب الارتباط بين سمات اضطراب الشخصية الحدية والصدمات، بدأ بعض المعالجين باستخدام العلاج السلوكي الجدلي كعلاج لأعراض الصدمة.

​​في حين يختار بعض المعالجين النفسيين الجمع بين العلاج السلوكي الجدلي مع تدخلات علاج اضطراب ما بعد الصدمة الأخرى، كالعلاج بالتعرض المطول (وصف متكرر ومفصل للصدمة في جلسة العلاج النفسي) أو العلاج بالمخطط الذي يعالج المخططات المعرفية المتعلقة بالصدمة النفسية والذكريات المؤلمة.

مثلا، سيتم الجمع بين إعادة التربية الجسدية (التحكم في الاستجابات الجسدية) والعلاج السلوكي الجدلي من خلال تعليم مهارات اليقظة الذهنية ومهارات تحمّل الشدة، ثم تنفيذ التحكم في الاستجابات الجسدية. سيتم بعد ذلك تعليم المريض قبول الصدمة والتعامل العاطفي معها.

بالنسبة للحالات الأخرى:

ركزت معظم أبحاث العلاج السلوكي الجدلي على فعاليته للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية والذين لديهم أفكار بالانتحار وإيذاء النفس، ولكن لوحظ أن الطريقة فعالة لحالات الصحة العقلية الأخرى. على سبيل المثال، القلق، الأطفال الذين يعانون من اضطراب خلل تنظيم المزاج، أو اضطرابات المزاج لدى الأطفال.

يعلّم العلاج السلوكي الجدلي مهارات التكيّف المناسبة، ويسمح للأفراد بتطوير درجة معينة من الاكتفاء الذاتي. وتعمل استراتيجيات العلاج السلوكي الجدلي على زيادة مهارات تحمل الشدة وتنظيم العاطفة لدى الفرد؛ مما يمهد الطريق للعمل على أعراض مثل التطفل، ونقص احترام الذات، والعلاقات بين الأشخاص.

شروط يجب مراعاتها في العلاج السلوكي الجدلي

يتطلب العلاج السلوكي الجدلي التزاما بالوقت، وانتظاما في الجلسات. كما يُطلب من المريض الالتزام بأداء الواجبات المنزلية التي تخص مجموعة من المهارات خارج الجلسات.

ممارسة والتدريب على بعض المهارات قد يكون أمرا صعبا بالنسبة لبعض المرضى في مراحل مختلفة من العلاج. لا سياما أمام مواجهة التجارب المؤلمة والألم العاطفي. وعلى المعالج أن يتحلى باليقظة للتنبه لذلك وتعليم المريض كيفية مواجهته والتعامل معه.

يجب أن يدرب المعالج النفسي مريضه جيدا على بعض المهارات والتقنيات كتقنية اليقظة الذهنية وتمارين التنفس واسترخاء العضلات التدريجي التي تساعده في تحسين قدرته على تحمل الضيق والقلق.

المراجع

  • Alexander L. Chapman, (2006), Dialectical Behavior Therapy , Psychiatry (Edgmont), vol. 3, no9,, p. 62–68.
  • Chapman AL (2006), Dialectical Behavior Therapy: Current Indications and Unique Elements. Psychiatry. 3(9):62-68
  • Dialectical Behavior Therapy, Fact Sheet, The Association for Behavioral and Cognitive Therapists. https://www.abct.org/fact-sheets/dialectical-behavior-therapy/
  • Janowsky, David S (1999), Psychotherapy indications and outcomes, Washington, DC, American Psychiatric Press.
  • Jennifer Urbano Blackford et Rene Love (2011), Dialectical Behavior Therapy Group Skills Training in a Community Mental Health Setting: A Pilot Study, International journal of group psychotherapy, vol. 61, no4, p. 645–657.
  • Linehan, M. M. & Dimeff, L. (2001). Dialectical Behavior Therapy in a nutshell, The California Psychologist, 34, 10-13.
  • Marsha M. Linehan (1993). Cognitive Behavioral Treatment of Borderline Personality Disorder.
  • Valentine S, BankoffSM, Poulin RM, Reidler EB, Pantalone DW (2015). The use of dialectical behavior therapy skills training as stand-alone treatment: A systematic review of the treatment outcome literature. Journal of Clinical Psychology. N° 71(1):1-20.

تعليق واحد

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *