تعد عملية تشخيص صعوبات التعلم من المشكلات التي يعاني منها المشتغلون في ميدان الصحة المدرسية، وتعتبر هذه الصعوبات أو الاضطرابات من الظواهر الخفية التي يصعب غالبا تحديدها في الوسط المدرسي. يقدم هذا المقال مقدمة لصعوبات التعلم ويصف العمليات والممارسات الضرورية للتعامل مع هذه الصعوبات. ويمكن اعتباره دليلا عمليا يمكن للمختصين استخدامه لفهم والتعامل مع هذه الظاهرة.
يقدم هذا الدليل منهجية تتبع وتعرف وتشخيص تدريجية، للتكفل بهذه الفئة من الأطفال ذوي صعوبات التعلم.
مقدمة
يعاني أكثر من مليار شخص – أي ما يقرب من 15 بالمائة من سكان العالم – من أحد أنواع الإعاقة، بما في ذلك الإعاقات الحسية (مثل العمى والصمم)، والإعاقات الذهنية، وإعاقات النمو، والإعاقات الجسدية، الإعاقات النفسية والاجتماعية.
العديد من الأطفال يولدون بإعاقة أو يصابون بإعاقة في مرحلة الطفولة. فما يقرب 150 مليون طفل تحت سن 18 عاما يعانون من إعاقة حسب احصائيات (اليونيسيف). وهؤلاء الأطفال بحاجة إلى خدمات تعليمية خاصة في المدرسة. مع العلم أن هذه الفئة هي في الحقيقة عدد يضاف لعدد الأطفال الذين يعانون من صعوبات تعليمية خفية، أو الذين يصنفون ضمن فئة الأطفال المتعسرين دراسيا.
إن الأطفال الذين يعانون من صعوبة في التعلم هم أطفال لا يمكن تحديد صعوباتهم انطلاقا من المظهر، فهنا نتحدث عن اضطرابات عصبية نمائية تؤثر على قدرات التلميذ (الطفل) على القراءة والكتابة والحساب، والتفكير وتنظيم المعلومات والتي يتلقاها التلميذ في المدرسة في الأقسام العادية مع الأقران.
لذلك تعتبر عملية التعرف على الأطفال الذين يعانون من صعوبات من هذا النوع عملية صعبة، وتتطلب استخدام عدة وسائل وتقنيات، ولا يكون الغرض من هذا الجهد المبذول في التعرف على هؤلاء الأطفال فقط وصفهم وتصنيفهم. إن الغرض هو تحديد احتياجاتهم الخاصة وبدقة للتمكن من مساعدتهم.
تعريف صعوبات التعلم
يُعتقد أن مفهوم صعوبات التعلم قد نشأ في الولايات المتحدة في الستينيات. يتم تعريف صعوبات التعلم على أنها “اضطراب في واحدة أو أكثر من العمليات النفسية الأساسية التي تنطوي على فهم أو استخدام اللغة، المنطوقة أو المكتوبة، والتي قد تتجلى في عدم القدرة الكاملة على الاستماع أو التفكير أو التحدث أو القراءة أو الكتابة أو التهجئة أو إجراء العمليات الحسابية”
ما يجب التأكيد عليه بخصوص صعوبات التعلم هو كونها اضطراب نمائي عصبي خاص، بمعنى أنه غير مجتاح، وقد تختلف التعريف في تحديد عناصر الاضطراب في حد ذاته. ولا يظهر هذا الخلل النمائي بشكل واضح إلا في المواقف المدرسية التعليمية، لذلك تسمى هذه الاضطرابات بصعوبات التعلم.
أشكال صعوبات التعلم.
تشمل الأشكال الشائعة لصعوبات التعلم تلك الموضحة في الجدول 1 .
الجدول 1 : أنواع صعوبات التعلم
الرقم | اسم | المناطق المتأثرة |
01 | اضطراب المعالجة السمعية | معالجة أو تفسير الصوت في الدماغ |
02 | عسر الحساب | الأرقام ومهارات الرياضيات |
03 | عسر الكتابة | المهارات الحركية الدقيقة والكتابة اليدوية |
04 | عسر القراءة | مهارات القراءة ومعالجة اللغة |
05 | اضطراب معالجة اللغة | مهارات معالجة اللغة |
06 | صعوبات التعلم غير اللفظية | المهارات غير اللفظية مثل المهارات الحركية والبصرية المكانية والاجتماعية |
07 | العجز البصري الإدراكي / البصري الحركي | تفسير المعلومات المرئية أو الرسم |
إن صعوبات التعلم كمفهوم يشمل الاعاقات العصبية التي تحدث صعوبة في أداء واكتساب مهارات تعليمية، مدرسية يتفاوت في شدته ودرجة تأثيره على المتعلمين. وكثيرا ما نهتم بالسلوك ولا نلقي بالا لسببه، لكن المشكل يكمن في تخصيص الدعم المناسب للمتعلمين الذين يجدون صعوبة في التعلم. فتحديد الأسباب العصبية بدقة وفهم مواطن الخلل تجعل تخصيص البرامج التدريبية العلاجية فعالا ومؤثرا في حالة المتعلم.
لذلك يجب الاتفاق على التسميات المشار إليها في الجدول حيث نفصل أنواع صعوبات التعلم إلى تسميات، وهذه الأخيرة شكل نتفق عليه، ثم هناك المناطق المتأثرة في كل تسمية من التسميات السبع، ثم هناك الصفات الملازمة لكل نوع من الأنواع.
لكن تحديد صعوبات التعلم التي نحن بصدد تعريفها والمتمثلة في الاعاقات العصبية النمائية الغير مجتاحة أمر صعب وذلك كون تحديات التعلم ليست كلها ناتجة عن صعوبات التعلم. فهناك حالات تعاني من صعوبات أكاديمية وعاطفية وسلوكية يمكن أن تؤدي إلى المشكلات التعليمية نفسها. والمتمثلة في الصعوبات المعروضة في الجدول السابق، وفيما يلي تقديم موجز لها:
على الرغم من أن بوادر مشاكل التعلم قد تبدأ في الظهور منذ مرحلة الطفولة المبكرة، إلا أن التشخيص الرسمي لاضطرابات التعلم غالبا ما يتأخر حتى بداية المراحل الدراسية الأولى. هذا يعود إلى أن تحديد وجود اضطراب تعلم يتطلب من الطفل أن يكون قد خاض بعض التجارب التعليمية، مما يمكّن المتخصصين من التأكد من الأعراض والفصل بينها وبين الحالات الأخرى.
اضطراب التعلم المتعلق بصعوبات القراءة:
يعرف هذا الاضطراب أحيانا بعسر القراءة ويمكن أن يؤدي إلى مواجهة تحديات في:
- القراءة المنسابة.
- الربط بين الحروف وأصواتها.
- استيعاب المقروء.
- الإملاء الصحيح.
- التعرف الدقيق على الحروف.
قد تجد صعوبات في:
- ربط الحروف بالأصوات المقابلة لها.
- النطق الصحيح للكلمات الشائعة.
- التفريق بين الحروف ذات الشكل المتشابه مثل “b” و”d”.
- الإملاء الصحيح للكلمات بشكل متكرر حتى مع التدريب.
- فهم الألعاب اللغوية.
- التعرف على الأخطاء الإملائية.
- استيعاب المحتوى القرائي.
بحسب الجمعية الدولية لعسر القراءة، يعاني من 15 إلى 20٪ من الأفراد من أعراض هذا النوع من اضطرابات التعلم.
اضطراب التعلم المحدد مع ضعف في الكتابة:
يطلق عليه أيضا عسر الكتابة، ويؤثر على القدرة على الكتابة بشكل صحيح سواء كان ذلك يدويا أو باستخدام أجهزة. الأعراض قد تتداخل أحيانا مع تلك المتعلقة بمهارات الحركة الدقيقة. تشمل التحديات:
- تشكيل الحروف بدقة.
- الإملاء الصحيح.
- الالتزام بالقواعد النحوية وعلامات الترقيم.
- التعبير بوضوح من خلال الكتابة.
- حمل أدوات الكتابة بشكل صحيح.
- الكتابة بدقة وتناسق في تباعد الكلمات والحروف.
قد تجد أيضا:
- كتابة يدوية صعبة القراءة أو مشوهة.
- إغفال الحروف أثناء الكتابة.
- صعوبات في المهارات الحركية الدقيقة لمهام أخرى.
اضطراب التعلم المحدد مع ضعف في الرياضيات:
يعرف أحيانا بعسر الحساب، ويؤثر على القدرة على فهم الأرقام وإجراء العمليات الرياضية. قد يظهر من خلال صعوبة في:
- تعلم العد.
- التعرف على الأنماط والأرقام.
- فهم رموز العمليات الرياضية.
- معرفة الوقت.
للأطفال الأكبر سنا والبالغين، قد تشمل التحديات:
- فهم الحقائق والمفاهيم الرياضية.
- تفسير البيانات الرسومية.
- الوعي المكاني.
- التعامل مع مواقف الحياة اليومية مثل العد وإدارة الأموال.
حالات أخرى قد تؤثر على التعلم تشمل:
- اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD)، الذي يميزه الاندفاعية أو فرط النشاط.
- اضطراب التنسيق النمائي، الذي يؤثر على القدرات الحركية.
- اضطراب المعالجة السمعية، الذي يتسبب في صعوبة معالجة الأصوات.
إذا كان الطفل يعاني من هذه الحالة، فإن عقله يواجه صعوبة في معالجة الأصوات التي يسمعها. لا تندرج هذه الحالات ضمن فئة اضطرابات التعلم المحددة، ولكن يمكن أن تشبه علاماتها أحيانا علامات اضطرابات التعلم. علاوة على ذلك، يمكن أن يكون لديك أيضا أي من هذه الحالات بالإضافة إلى اضطراب التعلم. في الواقع، يعاني العديد من الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أيضا من اضطراب تعلم محدد.
هناك أيضا الإعاقات الأخرى (مثل ضعف الرؤية أو صعوبات السمع)، والاختلافات اللغوية أو الثقافية، والعوامل البيئية (مثل سوء التغذية أو الافتقار إلى التعليم الرسمي السابق) قد تسبب أيضًا صعوبات في التعلم
وهذا يستدعي فصل هذه العوامل كأسباب لصعوبات التعلم أثناء عملية التشخيص؛ وعدم القيام بذلك يقود إلى تشخيص خاطئ.
كما أن هناك الكثير من المغالطات المنتشرة بخصوص صعوبات التعلم يجب الإشارة إليها قبل الاستمرار:
المغالطات المتعلقة بصعوبات التعلم:
لا ترتبط صعوبات التعلم بثقافة معينة أو عرق معين أو حالة اقتصادية أو اجتماعية بعينها. لكن مع ذلك هناك الكثير من المغالطات الأخرى التي ارتبطت بصعوبات التعلم، وسنقف على أهمها.
المغالطة الأولى: الأشخاص الذين يعانون من صعوبات هم أشخاص كسالى لا يريدون النجاح
المشاكل الأكاديمية الناجمة عن صعوبات التعلم لا تشير إلى الكسل أو عدم القدرة على التعلم. لأن توفير الفضاء المناسب والدعم المتخصص حسب احتياجات أولئك الأشخاص ذوي صعوبات التعلم يؤدي بهم إلى النجاح في المدرسة. كما يؤدي الدعم المستمر لهؤلاء التلاميذ في المدرسة إلى تحقيق المزيد من النتائج الجيدة.
المغالطة الثانية: التلاميذ الذين يعانون من صعوبات التعلم ليسوا أذكياء.
وجود صعوبات التعلم لا يؤثر على ذكاء التلاميذ. في الواقع، بعض الطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم موهوبون. على الرغم من أن الطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم قد يظهرون جهدا شبيها بجهد أقرانهم من العاديين، حتى يتبادر إلى أدهاننا عجزهم فكريا على التعلم، إلا أن الحقيقة مخالفة لذلك، فهم في الحقيقة بحاجة لطرق وأساليب مختلفة.
المغالطة الثالثة: تشخيص صعوبات التعلم يتم فقط بعد مرحلة تعلم القراءة والكتابة.
إن الاعتقاد بهذه المغالطة قد يؤخر تشخيص صعوبات التعلم، وذلك بسبب الربط بين سلوك أو مهارة الكتابة والقراءة وصعوبات التعلم، إلا أن هذا يسبب تعقيدا في حالة التلميذ، فالتشخيص المبكر لهذه الاعاقات ممكن ومهم في الوقت ذاته، لأنه يسمح بالتدخل المبكر وهذا يسمح بمعالجة الإعاقة بشكل أكثر فعالية. وهذا الأمر يمكن أن يبذأ من سن 03 سنوات.
ويمكن أن نقف على المؤشرات المبكرة حسب ما هو مبين في الجدول وحسب المراحل العمرية:
لجدول 2: خصائص صعوبات التعلم حسب العمر
خصائص صعوبات التعلم المحتملة | الفئة العمرية |
| 3-4 سنوات |
| 5-9 سنوات |
| 10-13 سنة |
المغالطة الرابعة: تختفي الاعاقات المسببة لصعوبات التعلم عند البلوغ.
تعد صعوبات التعلم حالة مستمرة مدى الحياة ولا تختفي عند بلوغ سن الرشد. تشبه في ذلك كل الاعاقات والاضطرابات العصبية المنشئ، وما يحدث في الحقيقة هو أن بعض البالغين يطورون مع الوقت بمفردهم أو نتيجة للتدريب استراتيجيات لمواجهة إعاقتهم، وبذلك يتكيفون مع الصعوبة. كما أن البالغين في العادة يختارون المهن التي تجنبهم الإعاقة التي يعانون منها، لذلك يبدو وكأنها غير موجودة أو اختفت وهذا غير صحيح.
المغالطة رقم 5. تؤثر صعوبات التعلم على جميع الأشخاص بنفس الطريقة.
يمكن أن تختلف صعوبات التعلم بشكل كبير من شخص لآخر، حتى ضمن نفس النوع من صعوبات التعلم. على سبيل المثال، قد يواجه شخص يعاني من عسر القراءة صعوبة كبيرة في القراءة بينما قد يواجه شخص آخر مشاكل في القراءة فقط في مواقف معينة، مثل القراءة بصوت عالٍ. الطلاب الذين يعانون من أنواع أخرى من الإعاقات (مثل التوحد أو الطلاب المكفوفين أو الصم أو الطلاب الذين يعانون من اضطرابات عاطفية) قد يعانون أيضًا من صعوبات في التعلم.
تشخيص صعوبات التعلم:
يعد تحديد التلميذ الذي يعاني من صعوبات التعلم عملية معقدة ومتعددة الأوجه. ولكن الكثير من النظم التعليمية، خاصة في وطننا العربي، اتجهت إلى وضع نماذج معيارية لتسهيل عملية التشخيص، خاصة عند غياب المختصين الذين يملكون الكفاءة للقيام بهذه المهمة بشكل احترافي.
عند القيام بعمليات الفحص والتقييم بشكل مناسب، يمكن أن تساعد في تحديد التلاميذ الذين قد يحتاجون إلى دعم تعليمي إضافي لتغلب على صعوباتهم. على العكس من ذلك، عندما يتم إجراء فحص وتقييم صعوبات التعلم بطريقة متسرعة أو عشوائية، أو دون استخدام أفضل الممارسات، يمكن أن تؤدي إلى نتائج ضارة، لأن عملية التشخيص الصحيح والدقيق هي أول خطوة في التكفل الناجع.
وبالتالي فعملية التشخيص أو التقييم هي في النهاية عملية ضرورية لتحديد الاحتياجات الخاصة للتلميذ الذي يعاني من صعوبات في التعلم. وعليه يمكن أن نعتبر هذه الخطوة هي خطوة تحديد احتياجات التلميذ التعليمية.
العلامات النموذجية لصعوبات التعلم:
هناك بعض المؤشرات العامة التي يمكن اعتبارها علامات مشتركة ونموذجية بين التلاميذ الذين يعانون من صعوبة في التعلم، وقد يظهر بعضها أو جلها عند التلميذ الواحد.
- فترة اهتمام قصيرة
- ذاكره ضعيفة
- صعوبة في اتباع التوجيهات
- عدم القدرة على التمييز بين/بين الحروف أو الأرقام أو الأصوات
- ضعف القدرة على القراءة والكتابة و/أو الرياضيات
- مشاكل التنسيق بين العين واليد، وضعف التنسيق
- صعوبة في التسلسل
- عدم التنظيم والصعوبات الحسية الأخرى
نموذج تشخيص صعوبات التعلم:
كما سبق وأشرنا في البداية، كثيرا ما تتداخل أسباب تحدياتصعوبات التعلم التي يواجهها التلميذ في المدرسة، وهذه التداخلات تحتم علينا التعامل مع المؤشرات بحدر حتى لا نصدر أحكاما خاطئة أثناء التقييم والتشخيص، ولأجل ذلك نقترح عليكم هنا طريقة ترتكز على الفحص والتشخيص التدريجي، بحيث نقوم بإقصاء الأسباب المحتملة بطريقة متسلسلة تجنبنا الوقوع في الخطأ.
قد تتواجد أسباب صعوبات التعلم عند الفرد مجتمعة وقد تكون منفصلة، وقد يكون لدى الشخص الذي يعاني من صعوبات التعلم أكثر من واحدة من هذه الأسباب، كما تتغير أيضا هذه الأسباب سواء كانت مجتمعة أو منفصلة مع تقدم الطفل في العمر. مما يخلق ارتباكا كبيرا في ملاحظة هذه الحالات وتقييمها.
يجب أن يستبعد الأسباب المحتملة الأخرى لصعوبات التعلم:
يجب استبعاد الأسباب المحتملة الأخرى لصعوبات التعلم، والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
- المشكلات المتعلقة بالتدريس والمدرسة (مثل عدد التلاميذ في الفصل، وتعليم المعلم، والمواد التعليمية، والكتب)
- عدم كفاية التغذية أو النوم
- مشاكل صحية.
- مشاكل في النمو العاطفي والأمن للطالب. تأثير المشاكل العاطفية لأحد أفراد الأسرة (مثل القلق أو الاكتئاب) على الطالب.
- العنف في الأسرة.
- المشاكل الاجتماعية والاقتصادية للأسرة.
- بيئة تعليمية غير آمنة في الفصل الدراسي أو المدرسة.
- الروتين اليومي الغامض في المنزل أو المدرسة، وعدم كفاية الدعم
تطبيق استراتيجية تشخيصية لتشخيص السمات المعرفية والتعليمية لصعوبات التعلم لدى الأطفال. ويجب أن يرتكز هذا النهج على افتراضات معينة حول طبيعة العوامل ذات الصلة التي تكمن وراء التحصيل التعليمي
فيما يلي اقتراح لمجموعة من الخطوات التي يمكن اتباعها من أجل إجراء التشخيص
دليل التشخيص لصعوبات التعلم:
الخطوة 1: تحديد التاريخ الأكاديمي للطفل:
من أجل تحديد ما إذا كان هناك تاريخ من الضعف الأكاديمي، من الضروري جمع تاريخ شامل. على الرغم من أن المشكلات الأكاديمية قد لا تكون واضحة دائما ويمكن أن يكون من الصعب توثيقها، فمن المهم ملاحظة أنه في حالة عدم وجود مشاكل أكاديمية، لا توجد صعوبات في التعلم.
ومع ذلك، يمكن للفرد تحقيق متوسط الدرجات في بطاقة التقرير الخاصة به على الرغم من تعرضه لصعوبات التعلم وإعاقة محتملة. يمكن أن يُعزى ذلك إلى حقيقة أن الدرجات تُمنح بناءً على منهج أقل من مستوى الصف الفعلي أو بسبب المستويات العالية من الجهد والدعم للفرد.
في حالة الأطفال الأصغر سنا، قد تظهر عوامل خطر الضعف الأكاديمي كصعوبات تعلم في المهارات الأساسية التي تعتبر مقدمة لقدرات القراءة والكتابة والرياضيات. يمكن أن تشمل صعوبات التعلم تحديات في اكتساب أصوات اللغة أو المفردات أو الحساب الأساسي أو المهارات الحركية الدقيقة.
عند فحص الأفراد الموجودين حاليا في بيئة تعليمية، من المهم مراعاة الأسئلة الإرشادية التالية:
- هل هناك تاريخ من الدرجات المنخفضة باستمرار أو الفشل الأكاديمي؟
- هل اعتمد الفرد على مستويات عالية للغاية من الجهد أو الدعم المكثف، مثل الدروس الخصوصية أو التدخلات العلاجية، لتحقيق درجات مرضية؟
- ما هي الدرجات التي تم الحصول عليها في الاختبارات الفصلية أو غيرها من الاختبارات التي تقيس التحصيل الدراسي؟
- هل حصل الفرد على تسهيلات أو تعديلات في البرنامج الأكاديمي؟
- هل قام المعلمون بتنفيذ وتقييم التعديلات على المناهج الدراسية المصممة لاحتياجات الفرد؟
- هل كان هناك عجز ملحوظ في مجال معين من الأداء، مثل إجراء الاختبارات أو إكمال الواجبات المنزلية أو تدوين الملاحظات؟
- هل تلقى الفرد تعليمات قائمة على الأدلة في القراءة والكتابة والرياضيات؟
- هل شارك الفرد وأظهر تحسنا من التدخلات الداعمة التي تستهدف صعوبات القراءة والكتابة والرياضيات؟
الخطوة 2: تقييم وجود عوامل تنموية أو صحية أو تعليمية أو سياقية تعمل كعوامل خطر لصعوبات التعلم.
تحديد ما إذا كان هناك دليل على العوامل النمائية أو الصحية أو التعليمية أوالبيئية التي تشكل عوامل خطر لصعوبات التعلم.
ما هي الأسئلة الإرشادية التي يجب اعتبارها مناسبة؟
- هل هناك أي أفراد آخرين من الأسرة يواجهون تحديات أكاديمية كبيرة أو تم تشخيص أي فرد آخر من أفراد الأسرة بأي إعاقة يمكن أن تؤثر على التعلم؟
- هل هناك أي ميزات لغوية متأخرة للفرد أو ميزات حركية متأخرة؟
- هل هناك تاريخ لأي عوامل خطر طبية قبل الولادة أو أثناء الولادة أو في مرحلة الطفولة يمكن أن تجعل الفرد أكثر عرضة لتجربة صعوبات التعلم؟
- هل أدت تجربة الفرد إلى انقطاع الدراسة؟
- هل هناك أي ضغوط عائلية حالية أو سابقة تجعل من الصعب على الآباء أو مقدمي الرعاية توفير التحفيز المعرفي؟
الخطوه 3: تقييم التحصيل الأكاديمي باستخدام اختبارات التحصيل
أحد الجوانب الأساسية لتعريف صعوبات التعلم هو أن التحصيل الأكاديمي للفرد أقل من المتوسط. ولهذا السبب، يعد إجراء اختبار التحصيل أمرا أساسيا في التقييم. بالنسبة للفرد الذي يعاني من صعوبات التعلم، يجب إثبات الضعف في مكونات مهارات القراءة أو الكتابة أو الرياضيات. بالإضافة إلى تفسير درجات الاختبار، من المهم ملاحظة سلوكيات الفرد عند الانخراط في المهام الأكاديمية، لاختبار الحدود، وإجراء تحليلات الأخطاء. بمعنى أن التقييم التحصيلي يقدم مؤشرات عن مستوى المتعلم لكنه لا يقدم ملاحظات دقيقة عن كيفية إنجازه للعمل أثناء الاختبار، لذلك نعتمد مجموعة من الأسئلة التوجيهية لملاحظة الخلل في الإنجاز لتشخيص الصعوبة بشكل صحيح.
الأسئلة التوجيهية
فيما يتعلق بالملاحظات عند العمل مع الفرد:
هل التلميذ:
- يستجيب بشكل أفضل عندما تقدم له التعليمات شفهيا.
- يجب تكرار التعليمات ليستجيب ويؤدي المطلوب منه.
- استجاباته أفضل كتابيا أم شفهيا.
- يجد صعوبة في الإجابة عندما تتطلب انشاء إجابة خاصة، لكنه يستجيب بشكل أفضل عندما يكون الجواب (اختيار من متعدد أو ربط…).
- يستجيب بشكل أفضل عندما يتم اختبار المفاهيم والمهارات من خلال لعبة أو نشاط مقارنة بالاختبارات الرسمية الكتابية و/ أو الشفهية.
- يعوض الصعوبات و التحديات التي تواجهه باستخدام استراتيجيات تكيفية بديلة (كالصور و المخططات ..) .
- يستجيب ببطء أو باندفاع
- يتطلب ردود فعل متكررة أو التعزيز المستمر
- يتقن المهارات و المفاهيم بسرعة ويحتفظ بها أو يتطلب نوع معين من التدريس؟
فيما يتعلق بتحليل الأخطاء:
- هل هناك أي مؤشر على الأخطاء الناجمة عن عدم الاهتمام المحتمل أو التحديات في الأداء التنفيذي، على سبيل المثال:
يفشل في التعرف على العلامات الحسابية أو الانتقال بين العمليات، أو يضع افتراضات متسرعة أثناء القراءة، أو يهمل تحديد الأخطاء وتصحيحها؟
- هل هناك أي مؤشر على الأخطاء التي تكشف عن الفهم غير الكافي لمهارة أو مفهوم معين، على سبيل المثال:
فشل في إجراء إعادة التجميع في الطرح
تفتقر إلى المعرفة بكيفية قراءة أيام الأسبوع أو أشهر السنة؟
- هل يواجه الفرد صعوبات في المهارات ذات المستوى الأعلى بسبب مشاكل في المهارات ذات المستوى الأدنى، مثل:
يكافح من أجل القراءة بطلاقة أو الفهم بسبب التحدي المتمثل في فك تشفير معظم الكلمات، ويرتكب أخطاء عند حل مشاكل الكلام بسبب عدم كفاية المعرفة بالحقائق والجداول العددية؟
الخطوة 4: تقييم العمليات النفسية والمعرفية الأساسية التي تعمل كعوامل خطر لتحديات القراءة أو الكتابة أو الرياضيات المحددة التي يواجهها الفرد الخاضع للتقييم.
جوانب مهمة يجب مراعاتها:
لا يشكل العجز الوحيد في العلاج تحديات تعليمية. يجب أن يكون هناك اتصال منطقي بالضعف الوظيفي للفرد. أظهرت الأبحاث أن أوجه القصور في عمليات نفسية معينة تزيد من تعرض الأفراد لصعوبات أكاديمية محددة. قد تؤثر تحديات المعالجة أيضا على الفرد في مجالات خارج الأوساط الأكاديمية، مثل التفاعل الاجتماعي والأداء المهني. يمكن أن يؤدي العجز في معالجة المعلومات إلى التدخلات المستهدفة التي تهدف إلى تعزيز أداء الفرد.
إدارة التقييمات التي تعزز فهم طبيعة صعوبات التعلم لدى الفرد. :
القراءة:
ترتبط صعوبات القراءة على مستوى الكلمات بالتحديات في المعالجة الصوتية والتسمية الآلية السريعة والمعالجة الصوتية والتهجئة. بالإضافة إلى ذلك، يواجه الأفراد الذين يعانون من صعوبات في العلاج الصوتي والتسمية الآلية السريعة مخاطر أعلى مقارنة بأولئك الذين يعانون من عجز في المعالجة الصوتية فقط. من المرجح أن يعاني الأفراد الذين يعانون من تحديات القراءة على مستوى الكلمات من طلاقة القراءة وبالتالي فهم القراءة. قد يكون المراهقون والشباب الذين يواجهون تحديات في القراءة على مستوى الكلمات قد اكتسبوا مهارات فك التشفير، لكنهم ما زالوا يواجهون صعوبات في إتقان القراءة، مما قد يؤثر على فهم القراءة والتهجئة. ومع ذلك، هناك أفراد يتمتعون بقدرات قراءة متوسطة على مستوى الكلمات يواجهون صعوبات في فهم القراءة. يميل هؤلاء الأفراد إلى امتلاك مهارات معالجة صوتية قوية ولكنهم يواجهون تحديات في اللغة الشفوية، بما في ذلك المفردات والوعي المورفولوجي والذاكرة العاملة اللفظية (على سبيل المثال، يتم تقييمها من خلال تكرار الجملة) والمعالجة الصوتية.
الكتابة:
الأدلة الداعمة لعوامل المعالجة المرتبطة بتحديات الكتابة ليست قوية مثل تلك الخاصة بالقراءة والرياضيات بسبب البحث المحدود حول العمليات المعرفية الكامنة وراء الكتابة. تشير الأدلة إلى أن الأفراد الذين يعانون من تحديات القراءة على مستوى الكلمات يعانون عادةً من التهجئة، وغالبًا ما يستمرون في مرحلة البلوغ. غالبًا ما ترتبط الصعوبات في التكامل البصري الحركي والمهارات الحركية الدقيقة وسرعة المعالجة بالصعوبات في الكتابة اليدوية. عادةً ما يواجه الأفراد الذين يعانون من الكتابة اليدوية والهجاء تحديات في التعبير الكتابي. ويرجع ذلك جزئيًا إلى الجهد المعرفي المطلوب لتهجئة الكلمات بشكل صحيح على الورق، مما قد يعيق القدرة على التركيز على المحتوى والتنسيق. بالإضافة إلى ذلك، تشكل مشاكل اللغة الشفوية والأداء التنفيذي عوامل خطر للصعوبات في التعبير الكتابي.
الرياضيات:
أشارت بعض الدراسات إلى أن الإعاقات الحسابية المرتبطة بالرياضيات مرتبطة بالتحديات في القدرات البصرية المكانية والذاكرة العاملة البصرية المكانية وسرعة المعالجة. غالبا ما يواجه الأفراد الذين يعانون من العمليات الحسابية صعوبات في معالجة الحجم العددي الأساسي وطلاقة الرياضيات وحل المشكلات. ومع ذلك، هناك أفراد يتمتعون بمهارات رياضية معتدلة يتفوقون في الرياضيات ولكنهم يواجهون تحديات في حل المشكلات الحسابية. غالبًا ما يواجهون صعوبات في فهم القراءة واللغة الشفوية.
الخطوة الخامسة: تقييم القدرات الأساسية للتفكير والاستدلال.
للأفراد الذين يجدون صعوبة في التعلم، تعد الفحوصات القياسية للذكاء مثل اختبارات وكسلر وستانفورد بينيه أدوات مهمة لقياس القابليات العقلية، وتقع الدرجات الطبيعية بين 85 و115. يتوجب النظر بعناية عند التعامل مع درجات أدنى أو أعلى من هذه القيم.
هناك عوامل قد تختل فيها مصداقية هذه الاختبارات بالنسبة لبعض الأشخاص ذوي صعوبات التعلم، مثل تأثير ضعف المعالجة في مجالات معينة مثل اللغة أو البصرية المكانية، التي قد تقلل من الدرجات. كذلك، تؤثر العقبات طويلة الأجل في التعلم، مثل الصعوبات في القراءة، على الأداء في هذه الاختبارات. كما أن الأشخاص من خلفيات متنوعة ثقافيًا قد يواجهون تحديات بسبب التحميل اللغوي والثقافي في بعض الاختبارات.
عندما لا تعبر النتائج الشاملة لاختبار الذكاء عن القدرات الفعلية للتفكير والاستدلال بدقة، ينبغي للمختصين البحث في خيارات تقييمية أخرى مثل الاعتماد على الدرجات الفرعية أو الاختبارات غير اللفظية، وفحص التقييمات السابقة، والتأكد من تطوير علاقة ثقة قبل التقييم.
يجب على أخصائي علم النفس أن يأخذوا في الاعتبار تأثير صعوبات المعالجة والتعلم المستمرة على النتائج، ومدى تطابقها مع السلوك التكيفي، ومراعاة خبرة الأشخاص في التعامل مع اللغة والمهام المختلفة لضمان تقدير صحيح للقدرات الفكرية.
خاتمة
في ختام مقالنا حول تشخيص صعوبات التعلم، نشدد على أهمية الاكتشاف المبكر والتقييم الدقيق لضمان حصول الأفراد المتأثرين بصعوبات التعلم على الدعم اللازم. يلعب الآباء والمعلمون والمتخصصون دوراً حيوياً في تحديد العلامات المبكرة والسعي للحصول على تقييم مناسب من قبل الخبراء. يجب أن يتم تشخيص صعوبات التعلم بطريقة شاملة، مع مراعاة الجوانب النفسية، الاجتماعية، والتعليمية للطفل.
من الضروري تبني نهج متعدد التخصصات في التقييم والتشخيص، مما يعزز فهم أعمق للتحديات التي يواجهها الفرد ويسهل تصميم خطة تعليمية مخصصة تلبي احتياجاته الفريدة. يجب أن يكون الهدف الأسمى هو تمكين الأطفال والبالغين المصابين بصعوبات التعلم من تحقيق أقصى إمكاناتهم، مع التأكيد على القوة والمرونة والنمو الشخصي.
في النهاية، يعد تشخيص صعوبات التعلم خطوة حاسمة نحو فهم أفضل وتوفير الدعم المناسب، لكنه يجب أن يتم في إطار من الدعم النفسي والتعليمي المستمر. بالتعاون والتفهم، يمكننا بناء مستقبل أكثر إشراقاً لكل فرد يواجه هذه التحديات، مما يسمح لهم بالمساهمة الكاملة في المجتمع وتحقيق أحلامهم.
نصائح لمساعدة الأشخاص ذوي صعوبات التعلم:
من المهم اتباع نهج شامل يراعي احتياجاتهم التعليمية والنفسية والاجتماعية. إليك بعض النصائح الأساسية:
- التعرف على نوع صعوبة التعلم: فهم نوع صعوبة التعلم التي يواجهها الفرد ضروري لتوفير الدعم المناسب. هناك أنواع مختلفة مثل عسر القراءة وصعوبات الكتابة وعسر الحساب.
- توفير بيئة تعليمية داعمة: يجب أن تكون البيئة التعليمية ملائمة ومحفزة، مع توفير الموارد اللازمة التي تساعد على التعلم.
- استخدام أساليب تعليم متنوعة: استخدام أساليب تعليمية متعددة يمكن أن يساعد في الوصول إلى الطلاب ذوي صعوبات التعلم بطرق فعالة، مثل الأساليب البصرية والسمعية والحركية.
- تعزيز الثقة بالنفس: من المهم تشجيع الأشخاص ذوي صعوبات التعلم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، مما يساعدهم على مواجهة التحديات بشكل أفضل.
- تقديم التغذية الراجعة الإيجابية: التغذية الراجعة المنتظمة والبناءة تساعد الأفراد على فهم نقاط القوة والضعف لديهم وتحفزهم على التحسن.
- التعاون مع الأسرة: التواصل والتعاون بين المعلمين وأولياء الأمور أمر حاسم لدعم التطور التعليمي والاجتماعي للطالب.
- استخدام التكنولوجيا: هناك العديد من الأدوات والبرامج التكنولوجية المصممة لمساعدة ذوي صعوبات التعلم، مثل برامج قراءة النصوص والألعاب التعليمية التفاعلية.
- توفير الدعم النفسي: فهم الحاجات العاطفية والنفسية وتوفير الدعم اللازم يمكن أن يحسن من الرفاهية العامة والتحصيل الدراسي للطلاب.
- تطوير مهارات التنظيم والتخطيط: مساعدة الطلاب على تطوير مهارات التنظيم والتخطيط يمكن أن تحسن من قدرتهم على التعلم وإنجاز المهام.
- الصبر والمثابرة: يحتاج الأشخاص ذوي صعوبات التعلم إلى وقت أطول للتعلم والإنجاز، ولذا من الضروري أن يتحلى المعلمون والأهل بالصبر والمثابرة.
من خلال تطبيق هذه النصائح، يمكن تقديم الدعم اللازم للأشخاص ذوي صعوبات التعلم ومساعدتهم على تحقيق إمكاناتهم الكاملة.
مراجع:
بلفعل استفدت كان الطرح شامل مفهوم وّسع مدركاتنا، المحتوى يدل عل.حصيلة الخبرة العلمية والميدانية . فشكراا جزاكم الله خيرا