ما هو الحزن؟
يميل الناس إلى الاعتقاد بأن الحزن أمر سيئ دائما. لكنه شعور إنساني طبيعي، وله العديد من الفوائد التي تأتي من حالات الحزن الخفيفة والمؤقتة. فيساعد على الاستجابة للظروف بطرق تسمح بالعناية بالصحة النفسية. فعندما نشعر بالحزن، نتوقف ونتأمل ونتراجع، ثم نعود أكثر استعدادا للتعامل مع الحياة.
تعريف الحزن
يعتبر الحزن من المشاعر الانسانية الأساسية. وهو استجابة طبيعية للمواقف المزعجة، أو المؤلمة أو المحبطة. يظهر في شكل حالة عاطفية تتميز بمشاعر التعاسة وانخفاض في المزاج. تتراوح شدتها بين الخفيفة والشديدة، وعادة ما تُثار بفقدان شيء عزيز (موت شخص عزيز، فقدان وظيفة، انقطاع علاقة).
الفرق بين الحزن والاكتئاب
الحزن شعور انساني عادي، بينما الاكتئاب اضطراب نفسي. ويمكن التمييز بينهما بسهولة من قبل الشخص أو من المختص النفسي. فالاكتئاب شديد أو مستمر، ويسبب ضعفا عاما في الأداء اليومي. عكس الحزن الذي يكون غالبا محدود المدة ومصحوبا بلحظات أخف، تجعل الشخص الحزين يشعر بالراحة والتحسن بعد مناقشة مشاعره والتعبير عنها. ويمكن أن يتحول الحزن إلى اكتئاب، إذا كانت مشاعر الحزن شديدة ومستمرة.
يحدث الاكتئاب بسبب العوامل الوراثية والتجارب والعوامل الاجتماعية واضطراب في كيمياء الدماغ.
يرافق الاكتئاب عكس مشاعر الحزن التعب وانعدام التحفيز، وغياب الاحساس بالمتعة، والمزاج الحزين أو الاحساس بالفراغ ومشاعر اليأس والشعور بالذنب، وضعف تقدير الذات. واضطرابات النوم والشهية. مع أفكار أفكار الموت أو الانتحار.
غالبا ما يتم علاج الاكتئاب بعد تشخيصه بالأدوية وجلسات العلاج النفسي.
الفرق بين الحزن والغضب
يشترك الحزن والغضب في أن كلاهما شعور سلبي (له تأثير سلبي) وغالبا مزعج. وهما عاطفتان مختلفتان في الغرض أو الهدف. وحسب الجمعية الأمريكية للطب النفسي يظهر الغضب غالبا أمام الاحساس بالظلم؛ مما يشّل التفكير، ويحفّز رد فعل سريع.
في حين الحزن تنبيه خفيف يخبر صاحبه بأن الموقف الذي يتواجد به غير اعتيادي. يسبب الحزن تغييرات في التفكير والسلوك كالانسحاب أو الانغلاق على الذات.
أسباب الحزن
يكون الشعور بالحزن غالبا نتيجة لفقدان شيء مهم. يحتوي الشعور بالخسارة عنصر الانتقال العاطفي عبر الزمن. فعندما تحزن فإنك تنظر إلى الماضي، أو إلى المستقبل، وتتوقع فشل توقعاتك. فإذا نظرت إلى الماضي يعمل عقلك بشكل آلي تلقائي على استرجاع أحداث سلبية تعزز شعور الحزن الحالي. وإذا نظرت إلى المستقبل فإن عقلك يربط حرنك الحالي بمخاوفك من الأحداث المستقبلية. فتخاف مثلا من الموت أو الرحيل أو فقدان الحبيب أو الفشل المهني وغيرها. وهو ما من شأنه أن يزيد من الشعور بالوحدة أو الضيق، أو القلق والتعاسة. ويسبب أعراضا جسدية مختلفة أهمها الشعور بالثقل الجسدي.
فوائد الحزن
للشعور بالحزن العديد من الفوائد التي أكدتها الأبحاث والدراسات، ويجهلها العديد من الناس. تعمل هذه الفوائد تلقائيا (بلا وعي من الشخص)، لذا فالفكرة من التفصيل في هذا العنصر ليست محاولة دفعلك إلى إحزان نفسك للوصول إلى هذه الفوائد. بل فهم أن الحزن لا يشل الحياة.
– توسيع التفكير. عندما نشعر بالحزن، نُركّز أكثر على ما هو أمامنا، ونعود للتأمل لفهم الأسباب. يساعدنا ذلك على التفكير بوضوح، ويحسن الحزن القدرة على التذكر والانتباه للبيئة. وبمجرد أن تنتبه إلى حزنك يبدأ هذا الشعور بالزوال تدريجيا.
- يساعد الحزن على التواصل بشكل أفضل. يبدي الأشخاص ذوي المزاج السلبي تواصلا أفضل من ذوي المزاج الإيجابي. لأنهم يفهمون الغموض في الجمل بشكل أفضل، ولديهم قدرة أفضل على الإقناع. كما أن الشعور بالحزن يوقظ لديك الرغبة في الحصول على الدعم الاجتماعي. وهي استجابة غريزية تعبر عنها تعابير الوجه الحزينة أو الدموع تشير للآخرين بأننا بحاجة إلى مساعدتهم.
– يساعد الحزن على تقبّل الحقائق والمواقف الصعبة والتصالح مع الخسارة. بعض الأمور تكون خارجة عن إرادتنا، ويساعد الحزن على تسهيل التكيّف معها. لأن الحزن يسهّل عمل الحداد النفسي، ويعزز القدرة على التأقلم. من خلال إحداث تغييرات في التفكير والسلوك تساعد على التكيف مع الخسارة والمضي قدما.
– يدفع الحزن نحو السلوك الصحي. مثل الإقلاع عن التدخين أو اضطرابات النوم واضطرابات السلوك الغذائي.
كيفية إدارة مشاعر الحزن
مشاعر الحزن مشاعر طبيعية كباقي المشاعرن رغم أنه يتم تصنيفها كمشاعر سلبية. يمكن التعامل مع مشاعر الحزن من خلال مجموعة الاستراتيجات التالية:
اسمح لنفسك بالحزن:
فإنكار مشاعر الحزن أو رفضها أو قمعها لا يدفع الحزن إلى الاختفاء أو الزوال. بل على العكس، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إحداث ضرر أكبر مع مرور الوقت. بحيث يصبح الجسم وعاءا يحوي مشاعر الحزن ويعبر عنها بالألم والاضطراب. لذلك ننصح بالبكاء إذا رغب الشخص في ذلك، أو التعبير عن مشاعر الحزن مع صديق يجيد الاستماع والاحتواء.
جرّب تقنيات التأمل والانفراد بالذات:
إذا استمر الحزن لفترة ينصح بتقنية التأمل الذاتي، التي تسمح لشخص بالغوص في أعماقه، ومراقبة أفكاره ومشاعره. التعامل بوعي مع مشاعر الحزن، والبحث في أسبابها، والتفكير فيها بإيجابية يجعل العقل الواعي يتعامل معها بطريقة صحية. ويساعد ذلك في النهاية على تجاوز حالة الحزن وتعديل المزاج.
تغيير البيئة أو تجديدها:
قد يساعد أحيانا الخروج في نزهة، أو الذهاب إلى السينما، أو الاتصال بصديق أو أخ أو والد، أو تناول مأكولات لذيذة، أو أخذ حمام ساخن، أو الأنشطة الممتعة كمشاهدة فيلم كوميدي أو فيديو مضحك على التنفيس عن مشاعر الحزن.
تذكّر واسترجاع ذكريات الامتنان:
من الجيد والمفيد جدا في لحظات الحزن التركيز على استرجاع اللحظات السعيدة والإيجابية من الحياة، وتذكير النفس بكل الأشياء الجيدة التي نمتلكها، وهو ما من شأنه تغيير المزاج والتخفيف من المشاعر الحزينة.
الحزن قد ينتج عن حاجة للتغيير:
عادة ما يكون تغيير روتين الحياة مرهقا، رغم ضرورته. لذا على الشخص الحزين الانتباه إلى أن مشاعر الحزن قد تكون مؤشرا على الحاجة إلى تغيير شيء ما في الحياة أو في البيئة. وأحيانا يرتبط شعور الحزن بحدوث تغيير غير متوقع في الحياة.
ممارسة اليقظة الذهنية، تطبيع الشعور:
مارس اليقظة الذهنية، من خلال أن تتعلّم أن تكون حاضرا في اللحظة دون إصدار أحكام. يسمح لك ذلك بتجربة الحزن والتغلب عليه بسرعة أكبر.
قائمة المراجع
– Grossmann, A.C. Huynh, P.C. Ellsworth, Emotional complexity: clarifying definitions and cultural correlates. J. Pers. Soc. Psychol., 111 (2016), pp. 895-916, 10.1037/pspp0000084
– J.J. Gross, B.L. Frederickson, R.W. Levenson, The psychophysiology of crying Psychophysiology, 31 (1994), pp. 460-468
– N.A. Groenewold, E.M. Opmeer, P. de Jonge, A. Aleman, S.G. Costafreda. Emotional valence modulates brain functional abnormalities in depression: evidence from a meta-analysis of fMRI studies/ Neurosci. Biobehav. Rev., 37 (2013), pp. 152-163, 10.1016/j.neubiorev.2012.11.015/
B. Gunther Moor, B. Güroğlu, Z.A. Op de Macks, S.A.R.B. Rombouts, M.W. Van der Molen, E.A. Crone. Social exclusion and punishment of excluders: neural correlates and developmental trajectories. Neuroimage, 59 (2012), pp. 708-717, 10.1016/j.neuroimage.2011.07.028